بقلم: د. رمزي عودة
نجح الرئيس أبو مازن بإقتدار في تأليب الرأي العام الدولي ضد إسرائيل، ولم يكن من السهل على مندوب إسرائيل أن يمكث في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة 10 دقائق وهو يشاهد مع وفود 194 دولة أخرى صور ناصر أبو حميد وشيرين أبو عاقلة وأطفال غزة الذين اسشهدوا في العدوان الإسرائيلي على القطاع. وهو الأمر الذي إضطره للإنسحاب من الجلسة قبل أن ينهي الرئيس خطابه. بالمقابل، نالت كلمة الرئيس تصفيقاً وترحيباً حاراً من قبل غالبية الوفود الحكومية، انتهى بعبارة “فلسطين حرة”. كان لسان حالهم يقول: شكراُ فخامة الرئيس، لقد قدمت خطاباً سياسياً وقانونياً بإقتداركبير وثقة عالية في النفس.
من جانب آخر، نجح السيد الرئيس في تحويل مفهوم إدارة الصراع من مركزية الدور الأمريكي في الحل النهائي الى مركزية دور الأمم المتحدة. ولم يكن تذكيره بالقرار 181 والقرار 194 الصادرين عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الا تعبير صريح عن أهمية الدور الذي يجب أن تقوم به الجمعية العامة للأمم المتحدة في حل الصراع بناء على القرارات الأممية الصادرة عنها، وخاصة أن هذين القرارين كانا شرطين لقبول إسرائيل في عضوية المنظمة الدولية ولكنهما لم يطبقا حتى الآن!.
الفكرة الأساسية التي إنطلق منها الرئيس ترتكز على أن إسرائيل لم تعد شريكا لأي عملية سلام، وأنها بالمقابل تقوم بالتغول وإنتهاك حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي ظل غياب الإرادة الامريكية عن ممارسة أي ضغط على إسرائيل للدخول في العملية السلمية، وفي ظل غياب الإرادة الغربية عن مساءلة إسرائيل بوصفها دولة احتلال، فإن الدور الرئيس لحل الصراع يجب أن تقوم به الجمعية العامة ومنظومة العدالة الدولية، وهو دور يجب أن يرتكز على العناصر التالية:
1- قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الجمعية العامة.
2- الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة إعداد خطة عملياتية لإنسحاب الاحتلال من دولة فلسطين، تعرض على الجمعية العامة للأمم المتحدة ويتم التصويت عليها من خلال بند الاتحاد من أجل السلام.
3- فرض مساءلة دولية على إسرائيل بإعتبارها دولة إحتلال إرتكبت وترتكب العديد من الجرائم ضد الشعب الفلسطيني.
4- الطلب من الدول التي تورطت بإنشاء ودعم دولة الاحتلال مثل الولايات المتحدة وبريطانيا بضرورة الاعتذار وتعويض الشعب الفلسطيني عن الأضرار التي وقعت بحقه نتيحة لهذا السلوك من قبل هذه الدول.
5- الطلب من الجميعة العامة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ووقف جميع الإجراءات الإسرائيلية الهادفة الى تهويد المناطق وأسرلة المناهج ريثما يتحقق السلام في المنطقة.
6- إعتماد المبادرة العربية للسلام كأداة للحل النهائي للصراع.
بعد إنتهاء الخطاب، سارعت إسرائيل بإتهام الرئيس أبو مازن بالإرهاب الدبلوماسي، وصدمت الولايات المتحدة وبريطانيا من جرأة الرئيس في مطالبتهما بالاعتذار وتحمل قسط التعويضات، كما لاحظت الدول الأوربية الغضب الفلسطيني من الموقف الأوربي الصامت تجاه إستمرار الاحتلال الإسرائيلي. وسعد الأردن بتأكيد الرئيس على الوصاية الهاشمية، تماماً مثل العربية السعودية التي إعتبرت كلمة الرئيس إعترافاً بإستمرار وأهمية المبادرة العربية للسلام (مبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز). والأهم من كل هذا، أن هذه الكلمة أفرحت 14 مليون فلسطيني مثلتهم كلمة الرئيس، كما أنها أبهجت أم الأسير ناصر أبو محيميد وآلاف الاسرى القابعين في سجون الاحتلال. أبهجت اللاجئين والمقدسيين والصحفيين والكل الفلسطيني، وعبرت عن إرادة الشعب الفلسطيني في النضال من أجل تحرير أرضه.