سلمت شركة للصناعات العسكرية التركية، السلطات في الإمارات، 20 طائرة مُسيّرة هجومية خلال أيلول/ سبتمبر الجاري، وذلك في ظل تحسن العلاقات الدبلوماسية بين الخصمين الإقليميين السابقين بدرجة تسمح بإبرام عقود في المجال العسكري، بحسب ما كشف تقرير لوكالة “رويترز”، اليوم الأربعاء، نقلا عن مصدرين تركيين.
وقال المصدران، بحسب ما أوردت الوكالة، إن شركة التكنولوجيا الدفاعية التركية “بايكار”، سلمت الإمارات 20 طائرة مُسيّرة مسلحة خلال الشهر الجاري، مرجحان أن تبرم الشركة عقدا مع الإمارات يسمح لها ببيعها المزيد من المُسيّرات الهجومية.
وارتفع الطلب الدولي على طائرات “بايكار” المُسيّرة بعد تأثيرها في المواجهات العسكرية في سورية وأوكرانيا وليبيا، إذ ساعدت قنابلها الموجهة بالليزر والخارقة للدروع، في صد هجوم شنته قوات مدعومة من الإمارات قبل عامين.
وكانت الحرب الأهلية في ليبيا واحدة من عدة ساحات خاض فيها البلدان مواجهة مريرة استمرت لعقد من الزمن، من مسعى من الطرفين لكسب مزيد من النفوذ في الشرق الأوسط، قبل أن يتوصلا إلى مصالحة خلال العام الماضي.
وقالت مصادر عسكرية إن الإمارات وحليفتها السعودية، تأملان الآن في الاستفادة من تقاربهما مع تركيا لمواجهة التحدي الأمني المتزايد من إيران والقوات التي تعمل لصالحها بالوكالة، وذلك في ظل تعرض الرياض وأبو ظبي لهجمات بطائرات مُسيّرة على مدن ومنشآت نفطية، نفذتها جماعة “أنصار الله” (الحوثيون) اليمنية المتحالفة مع إيران.
ونقلت “رويترز” عن مصدر وصفته بـ”المطلع على المحادثات” (لم تسمه)، قوله إن أبوظبي والرياض تتفاوضان للحصول على طائرات مُسيّرة (بيرقدار تي.بي 2) من أنقرة. وقال المصدر إنه “تقرر خلال المفاوضات مع الإمارات تسليم 20 طائرة مُسيّرة مسلحة سريعا”، مضيفا أنه تم نقلها في وقت سابق من الشهر الجاري إلى أبو ظبي.
وأكد مسؤول تركي رفيع المستوى، تحدث لوكالة “رويترز”، أن بلاده سلمت بعض الطائرات المُسيّرة للإمارات التي تطلب الحصول على المزيد. وكشف المسؤول أن “السعودية ترغب أيضا في شراء طائرات مُسيّرة مسلحة وإنشاء مصنع لإنتاجها”.
وأوضح المسؤول أن شركة “بايكار” التركية تدرس الطلب السعودي لإنشاء مصنع لتصنيع الطائرات على أراضيها، غير أنه شدد على أن القرار الإستراتيجي في هذا الشأن يعود للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مشيرا إلى أنه “هناك قضايا أخرى، مثل الاستثمارات السعودية في تركيا، لا تتحرك بأسرع ما يمكن”.
ولم ترد “بايكار” ولا وزارة الخارجية الإماراتية ولا مكتب الاتصال الحكومي السعودي على طلب للتعليق. وأحالت وزارة الدفاع التركية الأسئلة إلى مجموعة الصناعات الدفاعية الحكومية التي رفضت التعليق.
ويقول محللون إن إردوغان، الذي يواجه انتخابات صعبة العام المقبل مع تزايد التضخم وتراجع الليرة التركية، كان قد وضع هدفا رئيسيا للمصالحة السياسية مع الإمارات والسعودية، يتمثل بتدفق الاستثمارات الخليجية إلى تركيا وتعزيز النقد الأجنبي.
والطلب والمبيعات يفوقان الإنتاج
ولفت تقرير “رويترز” إلى أن شركة التكنولوجيا الدفاعية التركية تبني منشآت الإنتاج الأخرى الوحيدة لها خارج تركيا في أوكرانيا، حيث ساعدت طائرات TB2 (بيرقدار تي.بي 2) المُسيّرة، في تقويض التفوق العسكري المهيمن لروسيا في الأسابيع التي أعقبت الحرب في شباط/ فبراير الماضي.
وساعدت نجاحات المُسيّرة التركية في ساحة المعركة، شركة “بايكار”، على قيادة الصادرات العسكرية التركية المربحة. وقال الرئيس التنفيذي للشركة، خلوق بيرقدار، الذي يديرها مع شقيقه سلجوق – صهر الرئيس إردوغان – الشهر الماضي، إن الشركة وقعت عقودا مع 22 دولة لتصدير الطائرات المسيرة “تي.بي 2”.
وصرح لمؤسسة خدمات عسكرية أوكرانية، في آب/ أغسطس الماضي، بأن الشركة تنتج حاليا 20 طائرة (بيرقدار تي.بي 2) شهريا، وأن دفتر الطلبيات لهذا الطراز وغيره من الطائرات المُسيّرة ممتلئ لثلاثة أعوام مقبلة.
وقال المسؤول التركي الرفيع الذي تحدث لـ”رويترز”، إن “هناك طلبيات لطائرات مُسيّرة مسلحة من العديد من البلدان والمناطق”. وأضاف أن “بعض الدول التي اشترتها تتقدم بطلبيات إضافية. هي (الدول) راضية جدا عن النتائج… لكن من الناحية الفنية لا يمكن تلبية كل الطلب”.
أرخص وغير خاضعة للقيود
وفي حين لا يمكن للطائرات التركية المُسيّرة مضاهاة الطرز التي تنتجها إسرائيل والولايات المتحدة من حيث التكنولوجيا، إلا أنها أقل سعرا وغير خاضعة لقيود تصدير معقدة. وأكد مصدر عسكري غربي أن “أداء هذه الطائرات أفضل من الطائرات المُسيّرة الصينية أو الإيرانية التي نشرتها روسيا في أوكرانيا”.
واعتبر المصدر أن طرازي الطائرات الإيرانية المُسيّرة، “شاهد” و”مهاجر”، “يتسمان ببعض خصائص تي.بي 2، لكن دون السرعة والدقة” التي تتسم بها هذه الطائرات التركية. وأضاف “يرغب السعوديون والإماراتيون في القضاء على فعالية الطائرات الإيرانية المُسيّرة. إذا حصلوا على تي.بي 2 فسيكون بإمكانهم وقف تدفق الطائرات الإيرانية”.