أثار اندلاع الاشتباكات المسلحة بين قوات الأمن الفلسطيني ومسلحين في مدينة نابلس بالضفة الغربية، مساء يوم الاثنين وفجر الثلاثاء، الكثير من التساؤلات حول دور حركة حماس في تغذية الصراع بين الشارع الفلسطيني والمؤسسات الرسمية.
واندلعت الاشتباكات في مدينة نابلس إثر قيام الأمن الفلسطيني باعتقال مصعب اشتية، أحد المسلحين التابعين لكتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس، الأمر الذي أدى لمقتل شخص وإصابة آخرين بجراح متفاوتة.
وحذرت الأجهزة الأمنية الفلسطينية من استغلال حماس لحالة الفوضى الأمنية في مدينة نابلس، فيما دعت الرئاسة الفلسطينية لتفويت الفرصة على مؤامرات بعض الدول الإقليمية (لم تسمها) التي تريد الإضرار بالمشروع الفلسطيني.
وتتزايد المخاوف من تمدد حالة الفلتان الأمني في مدن أخرى، خاصة مدينة جنين، في الوقت الذي تحذر فيه أوساط إسرائيلية من فقدان السلطة الفلسطينية لسيطرتها على المناطق الشمالية من الضفة الغربية.
أهداف حزبية
ورأى سياسيون ومحللون أن حركة حماس تقود مخططا إقليميا لإسقاط حكم السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية عبر بوابة الفلتان الأمني، الأمر الذي يدفعها لتغذية أعمال الشغب والمواجهات المسلحة بين عناصر الأمن الفلسطيني والمسلحين.
واتهم منير الجاغوب، رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم بحركة فتح، حركة حماس بـ“الوقوف وراء الأحداث الأمنية في مدينة نابلس والهجوم على المؤسسات الرسمية والمقرات الأمنية في المدينة“.
وقال الجاغوب لـ ”إرم نيوز“ إن ”ما تقوم به حماس ومؤسساتها الإعلامية يؤكد أن الحركة تدير ما يحدث في نابلس لأهداف حزبية ضيفة“، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في إطار خدمة الحركة لحلفائها الإقليميين.
وأضاف الجاغوب: ”من حق الجميع التعبير عن رأيه؛ ولكن ما حدث في نابلس ليس هدفه الاحتجاج؛ وإنما إثارة حالة من الفوضى والفلتان الأمني“، داعياً حماس لتجاوز هذه النقطة بما يضمن عدم المساس بالدم الفلسطيني.
وتابع: ”حماس منذ نشأة السلطة الفلسطينية وهي تسعى لإضعافها والهجوم المستمر على مؤسساتها وإظهارها كأنها متعاون مع إسرائيل، وهذا نهج الحركة منذ سنوات طويلة“، مستكملاً: ”حماس قتلت 500 فلسطيني في قطاع غزة وتحاول تصغير أخطائها مقابل تهويل أخطاء الآخرين“.
وشدد المسؤول الفلسطيني على أن ”ما حدث في نابلس خطير للغاية، وأن الأمن الفلسطيني يمثل سيادة الفلسطينيين“، متابعاً: ”الهجوم على مقرات الأمن يأتي في إطار رسائل من بعض الجهات الفلسطينية للخارج بأن السلطة وأجهزتها الأمنية غير قادرين على ضبط الأوضاع في الضفة الغربية“.
وأشار الجاغوب إلى أن ”ما تقوم به حماس يغذي مخططاً إسرائيلياً يهدف لتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى أربع مناطق، الأولى شمال الضفة الغربية والتي تعاني ضعفا أمنيا وغيابا للسلطة الفلسطينية“.
وأكمل الجاغوب: ”أما القسم الثاني فهو في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، والقسم الثالث مناطق الخليل التي تهدف إسرائيل لحكمها عشائرياً، والقسم الرابع مدينتي رام الله وأريحا وسط الضفة الغربية“.
مخطط إقليمي
بدوره، قال المحلل السياسي رياض العيلة إن ”ما يحدث بالضفة الغربية يأتي في إطار مخطط إقليمي تشارك فيه حركة حماس لإضعاف السلطة الفلسطينية“، مشيراً إلى أن حلفاء حماس في المنطقة يرغبون في أن تكون الضفة ساحة حرب بالوكالة لصالحهم.
وأوضح العيلة لـ ”إرم نيوز“ أن ”الأحداث الأمنية التي شهدتها مدينة نابلس تشير إلى رغبة حركة حماس في إضعاف السلطة الفلسطينية عبر بوابة الفلتان الأمني، وذلك في إطار سعيها للسيطرة على الضفة الغربية مستقبلاً“.
وأشار العيلة إلى أن ”حماس لا ترغب في إنهاء حالة الانقسام التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وترغب في تعزيزه من خلال تغذية التوتر الأمني في الضفة الغربية سواء في المواجهات مع إسرائيل أو بين الفلسطينيين وأجهزة الأمن“.
ووفق المحلل السياسي، فإن ”هذا المخطط يعزز نفوذ حلفاء حماس الإقليميين ويجعل من الضفة الغربية ساحة لأي حرب مقبلة مع إسرائيل“، مضيفاً: ”حالة الفلتان الأمني ستؤثر سلباً على القضية الفلسطينية وستؤدي إلى تقديم جميع الأطراف تنازلات غير مسبوقة“.
وشدد المحلل السياسي على ضرورة وضع حد لمثل هذه الأحداث من خلال تعزيز نفوذ السلطة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الفلسطيني، مؤكداً أن تكرار ما حدث في قطاع غزة بالضفة الغربية مرهون بالانسحاب الإسرائيلي.
سيناريو غزة
من ناحيته، قال المحلل السياسي سهيل كيوان إن ”الأحداث الأمنية التي تشهدها الضفة الغربية تأتي في إطار محاولات حماس لإحراج السلطة الفلسطينية وإظهارها بموقف الضعيف وغير القادرة على ضبط الحالة الأمنية“.
وأوضح كيوان لـ ”إرم نيوز“ أنه ”بات من الواضح أن حماس تجهز نفسها للسيطرة على الضفة الغربية وتكرار سيناريو قطاع غزة، وذلك من خلال تغذية احتقان الشارع الفلسطيني من الأجهزة الأمنية، الأمر الذي سيؤدي للمزيد من أحداث العنف“.
وأضاف كيوان: ”حماس ترغب في أن تفقد السلطة الفلسطينية قدرتها الأمنية على ضبط الشارع الفلسطيني، الأمر الذي يحقق للحركة هدفين رئيسيين: أولهما تعزيز نفوذها في قطاع غزة، وتوقف حركة فتح عن المطالبة بإنهاء الانقسام“.
أما الهدف الثاني، وفق المحلل السياسي، فيتمثل في ”تعزيز قوة حماس في الضفة الغربية كإطار بديل عن السلطة الفلسطينية لتولي حكم الضفة“، مستدركاً: ”لكن هذا الأمر مرهون بالانسحاب الإسرائيلي من مدن الضفة المحتلة“.
وأشار كيوان إلى أن ”حماس لا تشارك بشكل مباشر في الأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدتها مدن الضفة الغربية؛ لكنها تغذي الصراع الدائر في الشارع الفلسطيني عبر وسائل مختلفة“، مبينة أن حماس ستكون المستفيد الأول من انهيار السلطة الفلسطينية.