تنوي الجزائر خلال اللقاءات المرتقبة مع وفدين من حركتي فتح وحماس، طرح الخطة التي أعدها فريقها المكلف بملف المصالحة الفلسطينية، في مسعى منها لتقريب وجهات النظر المتباعدة، على أمل أن تنجح جهودها بعقد اجتماع موسع للفصائل قبل انعقاد القمة العربية على أراضها في شهر نوفمبر المقبل، رغم صعوبة الخلافات القائمة بين الطرفين الفلسطينيين.
ومن المقرر أن تتجه وفود قيادية رفيعة من حركتي فتح وحماس، خلال هذه الأيام إلى الجزائر، تلبية لدعوة وجهته إليها، إذ يدور الحديث عن إعداد المسؤولين الجزائريين خطة أولية للمصالحة، تحمل نقاط لتقريب وجهات النظر حول ملفات المصالحة المختلف عليها.
خطة تطبيق المصالحة
وبحسب صحيفة القدس العربي، فإن الفريق الجزائري المكلف بملف المصالحة، سيعقد جلسات حوار منفردة مع قيادات فتح وحماس في بادئ الأمر، ويضع في حسبانه أيضا جمع الفريقين على طاولة واحدة، لو تهيأت الأمور لذلك، خلال جولات الحوار المرتقبة.
ولن تكون هناك اتفاقية جديدة للمصالحة، على غرار تلك التي وقعت في مصر، وذلك لتوافق الطرفين (فتح وحماس) على الحل في القاهرة عام 2011، بل سيصار إلى طرح خطة لتطبيق اتفاقيات وتفاهمات المصالحة، والتي ستستند إلى اللقاءات الاستكشافية التي استضافت فيها الجزائر وفود الفصائل منفردة في شهري يناير وأبريل الماضيين، حيث استلمت وقتها وجهات نظر تلك الفصائل وفي مقدمتها حركتي فتح وحماس، لإنهاء الخلافات.
وكان المسؤولون الجزائريون، أبلغوا خلال اللقاءات الاستكشافية قادةَ الفصائل الفلسطينية، أن خطة الحل سترتكز إلى ما سبق من توافقات حصلت في القاهرة وغزة وإسطنبول، وإلى المستجدات التي طرأت مؤخرا خاصة بعد إلغاء الانتخابات الفلسطينية التي كانت مقررة العام الماضي، والتي فتح تأجيلها أبواب الخلافات بين فتح وحماس على مصراعيها.
وقال الناطق باسم حركة فتح منذر الحايك إن حركته حريصة على تلبية دعوة الجزائر، من أجل العمل على تذليل كافة العقبات للوصول إلى اتفاق على قاعدة إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات الفلسطينية.
وأشار إلى أن حركة فتح سبق وقدمت للجزائر ورقة تضمنت رؤيتها لإنهاء الانقسام والذي يبدأ عند تشكيل حكومة وفاق وطني، تقوم بتوحيد مؤسسات السلطة “لنصل لتوحيد الجغرافيا”.
وأشار إلى أن حركة فتح تذهب للجزائر بـ “قلوب مفتوحة بهدف إنهاء الانقسام”، مشددا على أن ما يحيط بالقضية الفلسطينية من مخططات للتصفية وتهويد القدس والاستيطان تحتاج للوحدة الوطنية لمواجهتها.
وقالت حركة حماس إنها تلقت دعوة رسمية لزيارة الجزائر، للتباحث حول سُبل إنجاح الحوار الوطني الفلسطيني، وعبرت عن تقديرها الكبير لهذه الدعوة الكريمة التي حرصت من خلالها القيادة الجزائرية على المساهمة في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية.
وستشكل اللقاءات المرتقبة، التي تشارك فيها فتح بوفد قيادي رفيع بقيادة نائب رئيس الحركة محمود العالول، وعضوية كل من أعضاء اللجنة المركزية عزام الأحمد وروحي فتوح، وحماس بوفد قيادي يضم أعضاء المكتب السياسي خليل الحية وماهر صلاح وحسام بدران، تشكل الفرصة الأخيرة، لتحديد مصير اللقاء الموسع، الذي كانت الجزائر تخطط له منذ بداية الحوارات بين الفصائل الفلسطينية.
الفرصة الأخيرة
وفي حال نجحت الجهود الجزائرية في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، سيصار إلى الإعلان عن موعد اللقاء الموسع، الذي سيحضره الرئيس عبد المجيد تبون، والذي سيعلن خلاله خطة المصالحة الفلسطينية الجديدة، التي هي عبارة عن خارطة طريق لتنفيذ البنود بشكل متتال، والذي تجرى الترتيبات لعقده في بداية الشهر المقبل.
وتأتي هذه الجهود الجزائرية، في ظل سعيها للذهاب إلى مؤتمر القمة العربية القادم على أراضيها، وقد نجحت في إنهاء الخلاف الفلسطيني الداخلي.
وتبقى الآمال على نجاح الجزائر في حل هذا الملف ضئيلة، فيما يذهب المراقبون إلى الاعتقاد أيضا بأنه في حال جرى التوصل إلى اتفاق مصالحة، فإن تطبيقه سيكون صعبا للغاية، على غرار الاتفاقيات السابقة.
وحتى اللحظة، فإن حركة فتح تتمسك بموقفها السابق تجاه المصالحة، حيث سيحمل وفدها وجهة النظر التي تقوم على أساس تشكيل حكومة توافق وطني، تقبل ببرنامج منظمة التحرير السياسي، وتلاقي قبولا دوليا، وأن تشكل الحكومة قبل الانتخابات، وأن تكون هناك ضمانة لأن تشمل الانتخابات حال عقدها مدينة القدس.
وهذا المقترح سبق وأن اعترضت عليه حركة حماس، التي ترفض القبول ببرنامج المنظمة الذي يعترف بإسرائيل، وتتمسك بأن تعقد الانتخابات وفق جدول زمني، يتم خلاله فرض الانتخابات في القدس، لا انتظار موافقة الاحتلال عليها.
وجهات النظر
وخلال تلك اللقاءات السابقة، قُدمت العديد من وجهات النظر، ارتأت بعضها الذهاب نحو تطبيق كامل لاتفاق المصالحة الذي وقع في مصر عام 2011، وما تلاه من اتفاق في أكتوبر 2017، الذي وضع خطة لتطبيق الاتفاق الرئيس، كما جرى طرح أفكار منها تنظيم انتخابات عامة، تكون أساسا لتشكيل حكومة جديدة، وهو أمر اعترضت عليه عدة فصائل، كما طرحت أفكار للمصالحة تقوم على أساس الاتفاق على برنامج وطني، يضمن استمرار الشراكة في المرحلة التي تتلوا عقد الانتخابات، كي لا تؤسس نتائج الانتخابات مرحلة انقسام جديدة.
وكان مصدر مطلع أكد لـ”القدس العربي”، أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أبلغ الرئيس محمود عباس في اللقاء الأخير الذي جمعهما بالعاصمة الجزائرية، في يوليو الماضي، وقبل انضمام إسماعيل هنية، رئيس حركة حماس إلى جزء من ذلك اللقاء، أن بلاده تريد عقد مصالحة فلسطينية، يكون أساسها توحيد كل الجهود الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير، وذلك بسبب ما تواجهه القضية الفلسطينية من تحديات خطيرة.
وفي هذا السياق، قال القيادي في حماس، حسام بدران، إن الجزائر مستمرة في سعيها المتعلق بترتيب البيت الفلسطيني وتوحيد الصف بما يناسب أهمية القضية الفلسطينية لدى الجزائريين قيادة وشعبا.
وأشار في ذات الوقت إلى حرص حركة حماس على إنجاح الجهود الجزائرية، لافتا إلى أنها تتعامل معها بـ”إيجابية كبيرة ومسؤولية عالية”.
يشار إلى أن وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، قال إن بلاده ستحتضن اجتماعا للفصائل الفلسطينية قبل القمة العربية المقرر عقدها مطلع نوفمبر المقبل.
وأشار إلى وجود “جهود دؤوبة” من أجل عمل دبلوماسي كبير تحت قيادة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، يرمي إلى تعزيز وحدة الصف الفلسطيني من خلال اجتماع سيعقد لاحقا في الجزائر قبل القمة العربية، لافتا إلى أن الاجتماع القادم يأتي لـ”تسهيل الوصول إلى وحدة عربية تدعم الوحدة الفلسطينية وتجعل من قمة الجزائر انطلاقة للعمل العربي المشترك قصد تحيين التضامن والتنسيق من أجل السلام الدائم والعادل المبني على إحقاق الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، ورفع التحديات المطروحة في المجتمعات العربية من منطلق المصير المشترك والجماعي”.