قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، إن الاحتلال يشن حرباً مفتوحة على مدينة القدس تشمل كافة المجالات، وذلك في إطار تهويدها وتفريغها من سكانها الفلسطينيين وفرض سياسة الامر الواقع.
فقد كشفت لجنة التخطيط والبناء الإسرائيلية عن مشروع لتوسيع عدد من المستوطنات وفي مقدمتها مستوطنتا “آدم” و”شاعر بنيامين” المقامتان على أراضي جبع وحزما في محيط مدينة القدس بواقع 600 وحدة سكنية للأولى و285 للثانية. علماً أن هذا القرار يأتي في سياق التوسع بإقامة بنى تحتية وأنفاق وتوسيع شوارع وضمن سياسة التطويق لمدينة القدس وتوسيع حدودها لتصل المساحة المصادرة إلى نحو 10% من مساحة الضفة الغربية، وفرض أمر واقع في ما يسمى بـ(القدس الكبرى) وتقسيم الضفة الغربية إلى معازل في الشمال والوسط والجنوب معزولة ولا يربطهما ببعضها غير الانفاق والجسور التي تسيطر عليها إسرائيل.
ووصف المكتب الوطني ما تتعرض له القدس بالتحديد بأنه “حربٌ مفتوحةٌ” يستخدم فيها الاحتلال الإسرائيلي مختلف الوسائل والسبل في عدوانه عليها أرضاً وسكانا ومؤسسات ومقدساتٍ ومساكن ومبان ومدارس ومقابر ومستشفياتٍ وغيرها؛ فلا يكاد يمر يومٌ دون أن يمارس الاحتلال فيه أعمال قمع وبطش وقتل واعتقال ومداهمات وهدم منازل ومنشآت بحق المواطنين، ومحاولة فرض مناهج أسرلة في المدارس وغيرها من ممارسات تستهدف تغيير الوضع السياسي والقانوني والروحي للأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية وخاصة في المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف.
ويشعر المواطنون الفلسطينيون في القدس أنهم مستهدفون بشكل منهجي وأن الاحتلال يريد اقتلاعهم من أرضهم وإخراجهم منها بالقوة تحقيقاً لأحلام قديمة وأهدافه واضحة بتجقيق السيطرة الكاملة والسيادة الكلية على المدينة التي بعاني سكانها الفلسطينيون من الممارسات الإسرائيلية التي تهدف إلى تهويدها وتفريغها من سكانها العرب بشتى الوسائل. بما في ذلك تطبيق أشكال متعددة من أنظمة التمييز والفصل العنصري والتي تطال البيئة وأنظمة التخطيط الحضري والتمييز الديني والعرقي، وفصل المدينة عن محيطها الفلسطيني كخطوات تهدف إلى الإبقاء على الوضع السياسي في المدينة وتحويلها بالقوة عاصمة لدولة الاحتلال وفق قرار الكنيست الإسرائيلي في العام 2008، بعدما كان قد ضمها إلى الشطر الغربي وأعلنها عاصمة دولة إسرائيل بقرار في عام 1980.
وحديثًا، انتهت سلطات الاحتلال من تشييد مبنى تهويدي جديد في حي المغاربة الملاصق للأقصى، تحت إشراف “صندوق إرث حائط المبكى” التابع مباشرة لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وكان العمل في إقامة المبنى بدأ منتصف عام 2017، بعدما جرى طمس المعالم العربية والإسلامية ومحو الآثار في المنطقة، بهدف استيعاب أكبر عدد من المستوطنين المقتحمين لساحة البراق. وتعتزم بلدية الاحتلال إقامة جسر جديد في باب المغاربة المؤدي للأقصى، وإزالة الجسر الخشبي المخصص لاقتحامات المستوطنين، بالإضافة إلى مخطط جديد وخطير لتوسيع باب المغاربة، لأجل تمكين دخول المستوطنين بأعداد أكبر من ساحة البراق. ويضم المبنى الجديد الذي انتهى الاحتلال من بنائه، أربعة طوابق تطل على حائط البراق، يحتوي الطابق الأول على مواقف للسيارات لتسهيل وصول المستوطنين المتطرفين بمركباتهم للمبنى، وأما الطابق الثاني، فيضم مدرسة توراتية لتعليم التوراة و”كهنة المعبد”.
وبموازاة المشاريع الاستيطانية التي تستعر بالقدس وهدم المساكن أيضا تواصل سلطات الاحتلال الاسرائيلي سياسة التطهير العرقي الممنهج حيث وزعت بلدية الاحتلال الإسرائيلي، عشرات إنذارات الهدم على عدة منازل في بلدة العيسوية شمال شرقي القدس المحتلة، بحجة البناء دون ترخيص، وأوامر الهدم شملت منازل قائمة منذ خمس وعشر سنوات. وأخطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، 15 عائلة من سكان التجمع البدوي “عرب الكعابنة” الواقع بين بلدتي بير نبالا وبيت حنينا بإخلاء التجمع، علما أن 60 عائلة بدوية يتهددها خطر التهجير والطرد من مساكنها، يُساورها القلق والخوف الشديدين من إقدام جرافات الاحتلال في أية لحظة على هدمها. وتدعي سلطات الاحتلال أن الأرض القائمة عليها المساكن مملوكة لشركة إسرائيلية، وأنهم يريدون إقامة مستوطنة عليها لصالح التوسع الاستيطاني، مع العلم أن جزءًا كبيرًا من هذه العائلات تسكن في أرض مسجلة في طابو رام الله باسم خزينة السلطة الفلسطينية، ومساحة الأرض تزيد عن 200 دونم، ويبلغ عدد سكان تجمع الكعابنة أكثر من 600 نسمة، بات كابوس الهدم والتهجير يتهدد بيوتهم.
وضمن ما تسميه “تطوير البنية التحتية”، تواصل بلدية الاحتلال العمل على تغيير معالم شوارع القدس، وصبغ شوارعها وأحيائها بطابع يهودي مُزور، ومن أهم الشوارع التي يطالها التهويد، شارعا “السلطان سليمان” و”الأنبياء” الواقعان شمال سور البلدة القديمة، ويشكلان الامتداد الطبيعي للتواجد العربي والإسلامي والمسيحي في المدينة المحتلة، إذ احتفت بلدية الاحتلال بمواصلتها تغيير وطمس معالمهما، عبر إعادة تأهيل البنية التحتية وتغيير مسمياتها وعبرتها، ووضع بصمات تهويدية ولافتات بأسماء توراتية في تلك المنطقة، وزرع مراكز أمنية ونصب كاميرات المراقبة ، إضافة لتجديد ساحة شركة الكهرباء في شارع صلاح الدين الأيوبي، وبناء جادة على طول شارعي السلطان سليمان والأنبياء، وتحويل مساحات المدينة الحالية إلى مساحات مخصصة للمشاة وزرع أشجار وتسعى بلدية الاحتلال لوصل شوارع صلاح الدين والأنبياء والسلطان سليمان مع الجزء الغربي لمدينة القدس، ومسح “خط التماس”، بهدف تسهيل وصول المستوطنين للمدينة.
ولا تختلف حكومة لابيد –غانتس– بينيت عن غيرها من الحكومات الصهيونية في اسرائيل. فهي تواصل البناء في القدس الشرقية بنفس الوتيرة واستكملت خلال العام الأخير مصادقات على بناء 950 وحدة استيطانية في اطار خمس مخططات بناء تضاف لذلك مخططات لبناء خمسة آلاف وحدة أخرى تم ابداعها للاعتراضات. ويتم احراز تقدم على المصادقة عليها.
وقالت إيبلت شكيد وزيرة الداخلية الإسرائيلية أن حكومتها نجحت بإحراز تقدم على مخططات البناء في القدس جميعها، بعد عام من العمل والتطبيقات الأيديولوجية وبدأت على حد تعبيرها جني الثمار. خاصة وان البناء في القدس مهمة استراتيجية كبيرة وهي تشعر بالسعادة لدورها في احراز تقدم على هذه المخططات الهامة ، التي تعتبرها انجازا صهيونيا وقوميا كبيرا وبشائر لحل أزمة المساكن والتطوير في القدس. حسب تعبيرها.
وفي هذا السياق، كشف مركز التعاون والسلام الدولي (IPCC) في دراسة أعدها حول المخططات الإسرائيلية للتطوير الاقتصادي في القدس الشرقية، عن توسيع وزارة شؤون القدس والاستيطان وإقرار مخطط لبناء برج استيطاني على أراضي حي شعفاط شمال شرقي القدس المحتلة تحت مسمى الإدارة التشغيلية لمستوطنة التلة الفرنسية بارتفاع 25 طابقا بدل 18.
هذا المشروع الاستيطاني الضخم يتضمن بناء موقف للسيارات على الجانب الآخر من نفق مستوطنة التلة الفرنسية، على أراضي قرية لفتا المهجر أهلها، بارتفاع اربعة طوابق يتسع لـنحو 1000سيارة لصالح الخط الأحمر من “القطار الخفيف” الذي يربط القدس الغربية بمستوطنات شمال القدس الشرقية المحتلة، وشارف البناء على الانتهاء. وبجري العمل هنا خلف مخفر الشرطة الإسرائيلية على المدخل الجنوبي لحي شعفاط بعد اقتطاع مساحة من أراض بملكية فلسطينية خاصة لصالح المشروع.
ومن شأن النفق أن يغير من جغرافية وحركة السير في شمال القدس المحتلة حيث يحول حركة سير المستوطنين من فوق الأرض الى باطنها ويصلهم بمستوطنات “التلة الفرنسية” و”بسغات زئيف” في نفق متشعب وآخر متواصل مع مستوطنة “معاليه ادوميم” ومستوطنات الغور دون الحاجة ل دخول القدس الشرقية.
كما تروج الادارة المدنية الإسرائيلية، لمضاعفة مساحة مستوطنة “هار جيلو” في محيط القدس من خلال حي استيطاني جديد مخطط له أن يبنى في منطقة معزولة عن المستوطنة ما يعني في الواقع وجود مستوطنة جديدة. وما يسمى الحي الاستيطاني الجديد والذي يشمل بناء 560 وحدة استيطانية، سيتم التخطيط له لوضعه في منطقة حساسة بين المناظر الطبيعية والمناخية التي تم تعريفها على أنها “منطقة أثرية” من قبل منظمة اليونسكو، في مصاطب قرية بتير.
وقد وافق ما يسمى الملجلس الأعلى للتخطيط على توسيع الطريق المؤدي إلى “جبل جيلو” كخطوة أولى على طريق للموافقة على الخطة الجديدة للحي الذي سيطلق عليه اسم “ويست ماونت جيلو” وذلك على الجانب الآخر من قرية الولجة، وللوصول إليه يجب أن يكون عبر بوابة الممستوطنة. وفي حال تم بناء الحي الجديد فإن ذلك يعني أن قرية الولجة ستصبح محاطة من 3 جهات.
وخلال السنوات الأخيرة، كان هناك العديد من الخلافات السياسية والبيئية في المنطقة، وفي عام 2015 جمدت المحكمة العليا الإسرائيلية خطة بناء الجدار الفاصل عند بتير، وتم اتخاذ القرار بسبب قرار منظمة “اليونسكو” بالاعتراف بالمنطقة كموقع للتراث العالمي، لكن مع المخطط الجديد تم وضع علامة على المنطقة بأنها “عازلة” ويخوض سكان الولجة معركة قانونية بسبب هدم عشرات للنازل في القرية خلال السنوات الأخيرة، مشيرين إلى أنه بينما يسمح بإقامة أحياء ومستوطنات لليهود، يحرموا من البناء بداخلها بحجة الحفاظ على المناظر الطبيعية.
على صعيد آحر، أقام مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة فوق أراضي بلدة قصرة، جنوب نابلس فوق أراضي جبل الخارجي وأحاطوها بأسلاك شائكة. وتشهد المنطقة، تصاعداً في البناء الاستيطاني والاستيلاء على المزيد من الاراضي؛ لربط المستوطنات بعضها ببعض، في وقت خصصت حكومة الاحتلال 4 ملايين شيكل لما يسمى “صندوق السامرة للأفلام السينمائية” ومقره مستوطنة بركان الجاثمة على اراضي محافظة سلفيت. والذي يركز على أفلام من إنتاج المستوطنين وحول المستوطنات اليهودية. وكان الصندوق قد تأسس في عام 2019 من قبل وزيرة الثقافة السابقة ميري ريغيف، أثناء توليها منصب وزيرة الثقافة. ويوزع ما يسمى صندوق أفلام السامرة السينمائي منحا للمستوطنين المقيمين في الضفة الغربية للأعمال التي يتم تصويرها في الضفة الغربية لمواطنين إسرائيليين.
ويعتبر صندوق السامرة هذا جزءا من نظام الفصل العنصري، مفتوح لمجموعة عرقية واحدة (اليهود) ومغلق أمام الأخرى (الفلسطينيين) التي تعيش في نفس المنطقة الجغرافية والسياسية.