كتب: حسن عصفور
يبدو أن منسق الأمم المتحدة لعملية السلام “المغتالة رسميا منذ سبتمبر 2000″، تور وينسلاند، يصر أن يقوم بدور ومهامه وفق إرشادات خارج الصلاحيات المكلفة بها ضمن قرار التعيين.
فالأصل، ان “تور”هذا، ممثل للهيئة الدولية العالمية، وبالتالي منفذا وملتزما بقراراتها الشرعية، والإطار السياسي – القانوني لها، وفق ديبلوماسية خاصة، تتيح له العمل مع مختلف الأطراف، وتلك ميزة يتطلب فحصها قبل التعيين لأي شخصية ترشح لمنصب أممي حساس في مناطق الصراع، دون ان يفقد بوصلته، ويغرق فيما ليس له، فهو ليس وسيطا بل منسقا.
ولكن النرويجي وينسلاند، تجاوز كل حدود الشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالصراع والوضع القائم في دولة فلسطين المحتلة رسميا وفق قرار19/ 67 لعام 2012، وكسر كل “الحدود الأخلاقية” في التعامل مع تطورات ميدانية تمثلت في عمليات اعدام يومية لجيش الاحتلال لفلسطينيين، بين شبهة عمل وشبهة تفكير.
المنسق الخاص لعملية مغتالة منذ 22 عاما، انتقل من كيفية العمل على مواجهة الاحتلال، سلوكا وممارسة، قتلا وغزوا، إرهابا واستيطانا، تفرقة عنصرية وتطهير عرقي، الى الخوف من تصاعد “الفعل الفلسطيني” ردا على عدوانية لا تتوقف، بل يعمل جاهدا بكل السبل، مستغلا منصبه وصفته، وبعيدا عن الحق واللاحق، على مساواة فعل الحجر بفعل الصاروخ، فعل جرح بفعل إعدام، مظاهرة من عشرات باقتحام جيش ومستوطنين إرهابيين…لوضع الأمر وكأن “الطرفان على خطأ” في تفصيل ميكانيكي راسب الوعي وفاقد الرؤية.
في مداخلته أمام مجلس الأمن يوم 5 أغسطس 2022، وبعدما قامت دولة الاحتلال باغتيال القيادي في حركة الجهاد، وردها فعلا انتقاميا، قال “تور”: (“إنني قلق للغاية من التصعيد المستمر بين الفلسطينيين وإسرائيل، بما في ذلك استهداف أحد قادة الجهاد داخل غزة، يأتي ذلك وسط تصاعد التوترات في أنحاء الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة”.
ومضيفا عبارة السم السياسي كامل الدسم، “التصعيد المستمر خطير جدا، يجب أن يتوقف إطلاق الصواريخ على الفور، وأدعو جميع الأطراف إلى تجنب المزيد من التصعيد. في الأسابيع الأخيرة”.
وفي احاطته أمام مجلس الأمن يوم 16 سبتمبر 2022، وبعد لحظات من اعدام جيش الاحتلال للفتى الفلسطيني (عدي صلاح 17)، دون أي فعل سوى انه متحرك على قدميه، قال “تور”، بعدما أعرب عن قلقه الشديد من “تدهور الوضع الأمني والخسائر اليومية غير المقبولة في الأرواح بالضفة الغربية”.. “يستمر المدنيون في دفع ثمن الفشل السياسي، والعنف واستخدام القوة لا يؤديان إلا إلى استمرار الأزمة ويجب أن يتوقف”.
هكذا، تحول الغزو الاحتلالي الى عنف وباتت مقاومة العدو الاحتلالي أيضا “عنف”، رغم أن كل أطفال دور “الحضانة السياسية” يعلمون أن الأمم المتحدة وقرارتها تضع خطا فاصلا بين ممارسات المحتلين ومقاومتهم، ولم تقر يوما في قرار لها بمساواة أو تماثل بين هذا وذاك.
لكن النرويجي وينسلاند يصر، وبكل “وقاحة سياسية”، على القيام بغير ذلك، رفضا لكل قرارات الشرعية الدولية، مكملا دور حكومة “الفاشية المعاصرة” في الكيان، بل انه يقوم بأوسع عملية تضليل لمؤسسات الشرعية الدولية، ودور حامي ممارسات القتل والاعدام التي لا تتوقف، عبر عبارات تعميم ومساواة، يخترعها، حجبا لحقيقة تؤدي فاعلها الى محكمة الجنائية الدولية دون تحقيق.
السؤال لم يعد لهذا المتصهين المعاصر، بل الى الرسمية الفلسطينية، هل الصمت عليه جزء من “صفقة سرية” تمت مع حكومة الفاشية في تل أبيب، أو مع الإدارة الأمريكية ومبعوثيها الذين لا يفعلون سوى وقف حال القاطرة الوطنية كلما أوشكت حراكا يعيد الروح الثورية لفلسطين، شعبا وقضية.
استمرار الصمت على “خيانة” منسق الأمم المتحدة لقراراتها الشرعية.. هو “خيانة وطنية صريحة”، واستمراره يجعل الرسمية شريكا عمليا لما يقوم به من دور حماية لجرائم حرب العدو اليومية.
ما يجب القيام به في ظل صمت الرسمية الفلسطينية، وربما تواطؤها، تحرك شعبي عام وموسع فطرده واجب..”وينسلاند برة برة..فلسطين منك حرة”..”عد الى بلدك يا تور”.
ملاحظة: في ذكرى مجزرة “صبرا وشاتيلا الأولى.. “ألم يحن بعد الوقت لإقامة “متحف الشهداء” بجانب ضريح الخالد ليصبح رمزا لكل من دفع حياته لتحيا القضية الوطنية..تصبح زيارته جزء من الزيارات الرسمية لكل قادم لفلسطين..ومكانا للذاكرة جيلا بعد جيل.. كي لا ينسوا ما كان فعلا ثوريا وثمنا يستحق..هل هذا كثير يا “قيادة” بدون لقب؟!
تنويه خاص: جيد تسارع حركة كسر “القطبية الأحادية” كما عبر عنه “إعلان سمرقند”..ولكن كان مؤلما سياسيا وقوميا غياب مصر الدولة التي كانت رافعة لدول عدم الانحياز عن تلك القمة، فيما حضرت إيران وتركيا..غياب وجب أن لا يكون ثانية!