كتب حسن عصفور
نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية في عددها يوم الجمعة 9 سبتمبر 2022، قضية تستوجب الاهتمام السياسي الرسمي والوطني الفلسطيني، حيث كشفت عن واقعة قيام “ازمة” بعدما نشرت بلدية تل أيبب خريطة لفلسطين التاريخية، وضعت بها ما أسمته دولة الكيان بـ “الخط الأخضر” بعد العام 1948.
الحادثة – الأزمة، اثارت غضب مسؤولي السلطة الحاكمة، بتحديد الخط المذكور، لأنه منذ العام 1967، وبعد عدوان يونيو واحتلال دولة الكيان كل فلسطين، اتخذت عدة قرارات سرية، منها إزالة “الخط الأخضر” من خريطة فلسطين، كخط حدودي، في نوايا مبكرة جدا لرفض الانسحاب ضمن أي حل مستقبلي.
بالتأكيد، لم يكن مجهولا رفض دولة الكيان، بمختلف حكوماتها المتعاقبة، العودة لما كان قائما قبل العدوان، وأعلنت بشكل عام أنها ستقوم بعملية تعديل حدودي وفقا لـ “مصالحها الأمنية”، ولكن ما كشفته “خريطة بلدية تل ابيب” فضح جوهر المخطط بأنه قرار مباشر ما بعد العدوان.
منذ احتلال دولة الكيان، لأرض الضفة والقطاع والقدس الشرقية، كانت ممارساتهم تقوم على قاعدة الضم والالحاق والتوسع، فكان أول قراراتها ضم مدينة القدس، وفتحت سريعا باب التهويد لخلق وقائع يصبح معها العودة للوضع القائم قبل احتلال 1967، معقدا، فيما لجأت الى فتح باب الاستيطان بكل أشكاله في الضفة الغربية، تحت بندين أحدهما “أمني” وآخر “سياسي”، والهدف أن مستوطنات البعد الأمني لن يتم الانسحاب منها تحت أي ظروف سياسية أو غيرها.
خلال مفاوضات أوسلو السرية يناير– أغسطس 1993، لم يتطرف الوفد الإسرائيلي الى مسألة الاستيطان وفق التقسيم الإعلامي، خاصة بعدما تم الاتفاق مبدئيا على تأجيل قضايا (القدس، اللاجئين، الحدود، الأمن والمستوطنات) الى مفاوضات الحل النهائي، مع وضع قواعد محددة، أن الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة، ويمنع المساس بالوضع القائم بما يمس تلك القضايا، وكان ذلك صيغة ما لوقف الاستيطان ومنع المساس بالقدس، من طرف الوفد الفلسطيني، مقابل عدم القيام بخطوات خاصة بالحدود والأمن الشامل من طرفهم.
وخلال ما قبل مرحلة نتنياهو يونيو 96، لم يكن هناك خروقات واضحة في موضع التوسع الاستيطاني، عدا ما حدث في جبل أبو غنيم، الذي فتح رد فعل شعبي ورسمي فلسطيني، ومحاولة فتح النفق في القدس 1996، ونتج عنها مواجهة شعبية عسكرية أدت الى توقف حكومة الكيان عن مخططها في حينه.
خلال لقاءات تمهيدية “غير رسمية” لمفاوضات الحل النهائي، حدثت نقاشات حول المستقبل وعناصر الحل الممكن للقضايا الرئيسية الخاصة، وكشفت إسرائيل عن رغبتها بضم ما يقارب “1.5%” من الضفة فيما أسمته بالمستوطنات الأمنية، مقابل عملية تبادلية تشمل الطريق الرابط بين قطاع غزة والضفة، ليصبح جزء من أرض دولة فلسطين.
وكانت بعض محاولات لزيادة النسبة بما يصل الى (2%) لم تجد موافقة في حينه، وبعد اغتيال رابين توقفت تلك اللقاءات، وكل ما يتعلق البحث بمستقبل الحل النهائي، لأن حكومة نتنياهو كانت رافضة بالمطلق لاتفاق (إعلان المبادئ – أوسلو)، ورأت به مسا جوهريا بالفكر التوراتي – التهويدي، ولم تنفذ أي من بنود الاتفاق حتى بعد “تفاهم واي ريفر” 1998.
منذ نوفمبر 1995، أوقفت إسرائيل عمليا كل مسار الاتفاق بما فيها عملية إعادة الانتشار وانتقال السيطرة والمسؤوليات من شكل لآخر، وفقا للاتفاق الانتقالي الموقع سبتمبر 1995 في واشنطن، بذرائع مختلفة، حتى بعدما فاز يهود باراك “الحصان الأسود الأمريكي” بانتخابات 1999، رفض كليا التنفيذ بذريعة الذهاب مباشرة الى مفاوضات الحل الدائم.
ولكنه بدلا من التفاوض لحل سياسي، قاد أوسع عملية عسكرية لتدمير السلطة الفلسطينية (2000-2004)، ولتغيير جوهر الاتفاق وفتح الباب لعمليات استيطانية موسعة، ابتداء من 2004 بعد اغتيال الخالد المؤسس ياسر عرفات، لفرض واقع تهويدي جديد، استنادا الى المخطط السري لمسألة لإزالة ما يسمى بـ “الخط الأخضر” 1967.
فضيحة “خريط بلدية تل أبيب والخط الأخضر”، يجب ان تستخدمها “الرسمية الفلسطينية” كوثيقة إدانة سياسية لدولة الاحتلال، وكشف حقيقة موقفها من “الحل والمستقبل”، وأن منطلقهم قائم على توسع، ضم وتهويد، وتلك عملية مساعدة في المعركة الدائرة عالميا.
فهل ستتحرك “الرسمية الفلسطينية” للاستفادة من “فضيحة خريطة بلدية تل أبيب”، أم تلك مسألة قد تربك علاقتهم بـ “حكومة الثنائي لابيد غانتس” في ظل التهديدات المتلاحقة…تساؤل وليس اتهام.
ملاحظة: صمت قيادة منظمة التحرير وجهازها التنفيذي المؤقت (السلطة)، عما يتعرض له المناضل الفتحاوي ناصر أبو حميد من عملية “إعدام بطيء” داخل سجون “الفاشية الجديدة” يستحق الرجم الشعبي العام..اللعنة الوطنية من النهر الى البحر ستلاحقكم لو مس حياته سوء!
تنويه خاص: رحيل ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، كشف أمر ما كانش معلوم..بأنها ما زارت قط دولة الكيان العنصري، مع أنها ملكة بلد وعد بلفور..الصراحة مسألة محيرة..معقول في داخلها قرف مما فعلوا بشعب وأرض منحت لمن لا يستحق…بدها تفكير!