بقلم: حمادة فراعنة
وقفة عز تلك التي دعا إليها حزبيون ونواب وأصدقاء لهم تضامناً مع أسرى فلسطين، وتعبيراً عن ضمير وإنحيازات أردنية مع فلسطين ومع أسراها ومعاناة مناضليها وطموح شعبها.
قد يقول قائل هذه دوافع حزبية، واستجاب لها قطاع من الحزبيين ومن القريبين لهم ومعهم، ويرد آخر وما المشكلة في ذلك؟؟ ما هي المعابة بالدعوة ودوافعها؟ ولماذا لا تتسع الدعوات وتتكرر لتشمل باقي الأحزاب ذات المصداقية وخاصة الأحزاب اليسارية والقومية، المتفترض أنها أشد التصاقاً وامتداداً واقتراباً نحو الفصائل والأحزاب الفلسطينية ونضالاتها وتضحياتها.
الإنحياز إلى فلسطين، لم يعد فقط قضية قومية أو يسارية أو إسلامية أو مسيحية، بل هي انحياز وطني أردني بامتياز، فالدفاع عن الأردن يستوجب مساندة فلسطين ونضالها وتطلعاتها في الحرية والعودة، والنضال على أرض فلسطين من أجل زوال المستعمرة ومشروعها واحتلالها، حماية لأمن الأردن واستقراره وتعزيزاً لاستقلاله وتقدمه، فالمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي يعمل على استكمال بلع فلسطين، وتقليص وجود شعبها، ودفعه نحو التهجير الاختياري ذات المضمون الإجباري، أو التهجير الإجباري بشكل شكلي إجرائي اختياري، ونموذج حصار غزة صارخ بهروب الشباب عبر البحر المصحوب بالموت والانتحار.
لم يعد الانحياز الأردني لفلسطين مكرمة بل واجبا مُلزما يمليه علينا الولاء والوعي والمباهاة بوطنيتنا وقوميتنا وديننا الإسلامي والمسيحي، بل وإنسانيتنا، حيث لم تترك لنا المستعمرة أي خيار واقعي عملي وسطي، بل سياساتها وتوجهاتها وتطرف أحزابها وعنصرية قياداتها وسلوك أجهزتها سوى أن نتقدم لنكون شركاء مع الفلسطينيين في تحسس ظروفهم وأوجاعهم، وشركاء في تطلعاتهم المشروعة من أجل الحرية والاستقلال، ومساعدتهم من أجل عودة اللاجئين إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبيسان وبئر السبع، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها.
قد نختلف مع أحزاب، أو بعض منها، وهذا حق لنا ولهم، ولكننا لا نملك إلا تقدير دعوتهم ووقفتهم بل ومبادرتهم، لعلها تتسع لتشمل كل محافظات بلدنا وباديتنا وريفنا ومخيماتنا ليعلو الصوت الأردني النقي الصافي، من أجل فلسطين ونحوها.
الذين لم يفهموا، عليهم أن يفهموا، أن عاصمة فلسطين وقلبها ومسجدها أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، ومسرى سيدنا محمد ومعراجه، وولادة الفلسطيني الأول والشهيد الأول السيد المسيح، وقيامته وكنائسه المقدسة الثلاثة: المهد في بيت لحم، والبشارة في الناصرة، والقيامة في القدس، وهي دوافع كافية لجعل مضمون دعمنا، وشرعية وقوفنا، ومصدر إنحيازنا، له دوافعه القوية المبدئية، كما هي نحو مكة المكرمة والمدينة المنورة، فالكل المبدئي لا يتجزأ، بل يتكامل مع بعضه البعض، وصولاً نحو الخلاص من الظلم والعنصرية والتشرد.