بقلم: د. رمزي عودة
إنتهت الحركة الصهيونية العالمية من عقد مؤتمرها في بازل بالفترة من 28 الى 29 آب الماضي، إحتفالا بالذكرى ال 125 لإنطلاق مؤتمر الحركة الصهيونية الأول عام 1897. وقد شارك في هذا المؤتمر سري الطابع 1400 شخصية مناصرة للحركة الصهيونية، يمثلون 40 دولة من مختلف الديانات. وقد طُرحت في هذا المؤتمر عدة قضايا أهمها: الريادية وخلق قيادات شابة مبتكرة، ومعادة السامية، والأمن السيراني، والأمن البيئي والفضاء، وتشجيع الاستثمارات الخارجية، وتصدير الصهيونية الى أفريقيا، وتعزيز الروابط مع “الشتات اليهودي”، وأخيراً التطرف داخل المجتمع اليهودي “الحريديم”. وقد تم التركيز بشكل لافت حسب البرنامج المعلن للمؤتمر، على تعزيز العلاقة بين إسرائيل وما أسماه البرنامج “الشتات اليهودي”، بإعتبارهم عمق دولة الاحتلال إسرائيل ومخزونها الاستراتيجي. بالمقابل، أغفل المؤتمر في برنامجه قضايا السلام، وحقوق الانسان، وسياسات الفصل العنصري التي تمارسها دولة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
من الواضح، وحسب تصريحات الجهة المنظمة بأن المؤتمر يسعى الى تحقيق هدف إستراتيجي رئيس وهو تحقيق حلم “إسرائيل الجديدة”، بمعني تحويلها من دولة إقليمية الى دولة عالمية قادرة على التأثير في النظام العالمي الجديد. ومن أجل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، قدمت الحركة الصهيونية في بازل أربعة برامج وإستراتيجيات للعمل عليها خلال العقد القادم أهمها:
أولا: إعادة بث الروح والتجديد في الحركة الصهيونية، بحيث تصبح الحركة الصهيونية ممثلاً عن جميع اليهود في العالم وراعية لانشطتهم وقادرة على توظيف مواردهم لخطة المشروع الصهيوني الجديد.
ثانيا: تمكين “الشتات اليهودي” حسب وصف المنظمين، في مختلف دول العالم، وتمتين الروابط بينهم وبين دولة الاحتلال، بحيث يتم تجنيد الجاليات اليهودية في العالم لخدمة مشروع “إسرائيل الجديدة” وتوظيف إمكاناتهم المادية والخبراتية في هذا المشروع.
ثالثا: تعزيز مفهوم إسرائيل اليهودية، بإعتبارها دولة لليهود ويجب أن تحافظ على هذه السمة حتى تستطيع أن تقنع يهود العالم بأنها تمثلهم وبأنها قادرة على إستثمار طاقاتها لخدمة اليهود في العالم. ويدخل في هذا الهدف تعطيل فرص السلام وتعزيز سياسات الأبرتهايد من أجل خنق العرب الفلسطينيين وحصارهم استعداداً لتهجيرهم القسري.
رابعا: البحث عن أدوار جديدة تستطيع فيها “إسرائيل الجديدة” لعب دور فاعل في النظام العالمي الجديد. ومن أهم هذه الأدوار: الأمن السيبراني، ومحاربة التطرف، والأمن البيئي، وريادية الأعمال والابتكارات العلمية، والغزو للمناطق الأقل منافسة مع القوى الكبرى مثل القارة الأفريقية.
وعند تحليل هذه الأهداف الاستراتيجية والفرعية، نجد أن “إسرائيل الجديدة”، حسب التصور الجديد للحركة الصهيونية ، ستكون لها سمات مختلفة، أهمها:
- الانتقال الى العالمية، بحيث تصبح خلال الخمسين عاماً القادمة إحدى الدول الكبرى في العالم. وهذا سيقلل إعتمادها على حليف استراتيجي واحد؛ مثل الولايات المتحدة الأمريكية كما هو الحال عليه في الوقت الحاضر. وسيجعلها أكثر إرتباطاً في علاقات تعاون وتنافس مع عدد أكبر من الدول الكبرى.
- التحول الى الدولة العنصرية الكاملة، سواء في علاقتها مع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر أو في علاقتها مع الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وبالمحصلة النهائية، يبدو أن الشعب الفلسطيني قد دخل مرحلة جديدة من نضاله في سبيل الحرية والاستقلال. مرحلة تتعدى مقاومة إسرائيل الى مرحلة أكبر وأعمق وهي مقاومة المشروع الصهيوني العالمي. وبالضرورة، يتوجب إعداد خطط جديدة وطنية وعالمية تستطيع التصدي لهذا المشروع.