كتب عوفر شيلح باحث في معهد دراسات الأمن القومي، يوم الاثنين، في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن الهجوم القاسي الذي وقع يوم الأحد في غور الأردن كان هجوماً آخر من قائمة أحداث العنف الأخيرة بالضفة الغربية، في الأشهر الأخيرة وقعت حوادث إطلاق نار شبه يومية هناك، بعضها خلال الاعتقالات التي نفذها الجيش الإسرائيلي والبعض الآخر على الطرق.
وقال: “في عهد أخر قبل غرق جمهورنا في دائرة لا تنتهي من الانتخابات وفي مستنقع نعم لبيبي / لا لبيبي، كان من الممكن أن يثير هذا جدلاً ساخناً حول ما إذا كنا في خضم انتفاضة أخرى أم لا”.
وأضاف: “المستوى المهني في الجيش والشاباك يحذرون منذ فترة طويلة من أن برميل الوقود في الأراضي الفلسطينية يمكن أن يشتعل في أي ساعة، وهذا بسبب مجتمع يائس ومحبط غارق في السلاح وبسبب ضعف السلطة الفلسطينية”.
وتابع: “لكن هذا ليس سوى جزء صغير من الصورة، لأن المهنيين لا يحققون إلا فيما يسمى باللغة العسكرية “الجانب الأحمر” أي العدو، ولو سُمح لهم بالتحدث فيما يتعلق بالجانب الأزرق، جانبناً فإنهم بالتأكيد سيشيرون إلى عدم مبالاة الجمهور وصناع القرار في إسرائيل.
وأكد قائلاً: “إذا كان هناك شيء واحد لم يعد يوجد فيه فرق بين اليسار واليمين فهو الشعور بأن المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية لا تهم أحداً، إنها لا تطرح أو تُذكر على الإطلاق في الحملة الانتخابية ولو عن طريق الصدفة، في استطلاعات الرأي العميقة للأحزاب توضع القضية السياسية في المؤخرة، فلم يعد يهم ما إذا كانت هذه الحقيقة نابعة من فكرة أنه لا يوجد حل أو من عدم الاعتقاد بإمكانية الوصول إليه، “فالإسرائيليون لا يهتمون وحتى حكومتهم لا تبدي أي اهتمام”.
وأضاف: ” كما في (القضية الإيرانية أو في الاقتصاد أو في المجتمع)، فإن “حكومة التغيير” يسار الوسط هي نفس حكومات نتنياهو، لا توجد مشكلة فلسطينية، لا مفاوضات معهم، بل بالعكس، فخر كبير وعلني بأنه من الممكن المضي قدماً في العلاقات مع الدول العربية دون ذكر الفلسطينيين والدفع بهم جانباً إلى الهامش.
واستطرد: “بدلاً من ذلك هناك تعزيز متعمد لحماس كحاكم لغزة من أجل “خلق الانقسام، أي تفكيك الكيان الفلسطيني وإضعافه، وهو ما ينقل للفلسطينيين رسالة مفادها أن إسرائيل لا تستمع إلا لمن يختار طريق المقاومة، ويتحدث إليهم عبر العمليات والصواريخ”.
واستكمل: “هناك حديث عن “السلام الاقتصادي”، كما لو أن الإرادة الوطنية لشعب ما يمكن شراؤها بالتسهيلات وبوادر حسن النية، والتمترس وراء الرواية بعيدة المنال عن “الحد من الصراع”، والتي حتى وزير الجيش بيني غانتس الشخص الوحيد الذي كان لديه نوع من الحوار مع قيادة السلطة الفلسطينية في العام الماضي استخدمها لأغراض انتخابية”.
وتحدث شيلح: “على أن عودة الانتفاضة التي تأخذ شكلاً مختلفاً في كل مرة، يمكن أن تغير الوضع، ولكن حتى لو كانت السيطرة الاستخباراتية لـ “الشاباك”، وعملية “جز العشب” المستمرة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي تحافظان على حصر الأحداث داخل حدود الضفة الغربية فقط، فلن يتم حل أي شيء من المشكلة وستبقى كما هي”.
وأوضح أنه “سيظل هناك الثلاثة ملايين شخص بين الأردن والبحر الذين نسيطر عليهم، وسيبقى الجيش الإسرائيلي والنظام القانوني والوعي الإسرائيلي وصورتنا في العالم تغوص في الوحل الخبيث للسيطرة على شعب أخر، والذي يهددنا أكثر من أي تهديد عسكري”.
وشدد قائلاً: “مع كل يوم نتعامل فيه مع الأشياء الثانوية التافهة ننزلق ببطء على المنحدر نحو دولة ثنائية القومية، وهو ما يمثل خطراً كبيراً على إسرائيل كيف نريد أن نعيش فيها، يمكنك أن تنكر عدم حدوث ذلك، لكن الفلسطينيين لن يذهبوا إلى أي مكان ولا نحن كذلك”.
وتابع: ” 55 عاماً على حرب 1967، بعد أسبوع قررت الحكومة الإسرائيلية بعده عدم ضم الأراضي بل الاحتفاظ بها كوديعة للسلام، لم يقدم أحد حتى الآن حلاً غير الانفصال، الذي من شأنه أن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، لا يوجد شيء جيد نقوله عن سلوك الفلسطينيين في هذا الوقت لكن علينا أن نهتم بما هو جيد لنا”.
وأكد قائلاً: “إن تجاهل وجود المشكلة بسبب اليأس أو الجبن السياسي أو ضعف القيادة لن يجعلها تختفي، في معظم الأحيان سوف تسممنا ببطء؛ وبين الحين والآخر لسوء الحظ ربما حتى في المستقبل القريب ستشتعل المشكلة التي لن تذهب إلى أي مكان بشعلة نيران كبيرة”.