كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن نية الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في عدد من مدن الضفة الغربية، في إطار سعيه لمنع تصعيد كبير في المستقبل إثر تنامي عمليات المقاومة.
وكشف تقرير لموقع (واللا) الإسرائيلي، أن قيادة جيش الاحتلال تدرس في الفترة الحالية تنفيذ عملية عسكرية موسعة في شال الضفة خاصة في (جنين ونابلس) مركزا العمليات المسلحة ضد قوات الجيش.
وأضاف التقرير أن قيادة الجيش تدرس في الوقت الراهن ما هي تبعات هذه العملية العسكرية، وإلى أين ستصل بها الأمور، والخشية من الانعكاسات الناجمة عنها من تصاعد للعمليات العسكرية في الضفة أو دخول قطاع غزة على الخط، بالإضافة للجبهات الإقليمية الأخرى.
ووفق ما نقلت قناة (كان) الإسرائيلية، فإن عمليات إطلاق النار التي تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً منذ بداية العام 2022، حيث تم تنفيذ 60 عملية إطلاق نار من بداية 2022 حتى آب/ أغسطس فقط، وتم إحباط 220 عملية أخرى.
وشهد العام الماضي تنفيذ 50 عملية إطلاق نار، وعام 2020 شهد 48 عملية، والعام الذي سبقه 61 عملية.
مخاطرة كبرى
واستبعد المحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي عامر خليل، أن تقوم إسرائيل بشن عملية عسكرية موسعة خاصة في شمال الضفة الغربية (جنين ونابلس) لعدة أسباب منها محلية وإقليمية.
وقال خليل في حديث لـ “دنيا الوطن” إن قرب الانتخابات الإسرائيلية سيكون أحد الأسباب لعدم المخاطرة بعملية عسكرية موسعة، كما أن تداعياتها كتصعيد الوضع لأكثر من مجرد محاصرة للمقاومة وتحجيم عملياتها بالضفة يثير مخاوف الاحتلال، فهناك حسابات دقيقة جداً للأمر.
ولفت إلى خشية الاحتلال من الموقف العربي والإقليمي خصوصاً الموقف المصري بعد التوتر الذي جرى عقب العدوان الأخير على غزة، وعملية اغتيال الشهيد النابلسي في الضفة، فالاحتلال لا يريد تكرار هذا السيناريو.
وتابع المختص بالشأن الإسرائيلي حديثه “كما أن لهذه العملية أن تؤثر على الجهوزية الإسرائيلية على الجبهات الأخرى كجبهة لبنان (حزب الله) وجبهة إيران، فهي لا تريد تداخل عدة جبهات في آن واحد، كما أن هذه العملية يمكن أن تنعكس على السلطة ومستقبلها، وطرح تساؤل هل ستضعفها أو تقويها؟”.
الظروف غير مهيأة
من جانبه، يعتقد المحلل السياسي جهاد حرب أن الاحتلال الإسرائيلي لن يذهب لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق على غرار ما جرى عام 2002، لافتاً إلى أن عمليات الاحتلال ستتركز على اعتقال المقاومين أو محاولة اغتيالهم.
وأضاف حرب في حديث لـ “دنيا الوطن” أنه “من الواضح أن تعليمات وزير جيش الاحتلال ألا تكون هناك عمليات واسعة النطاق، لأمرين، الأول لتجنب سقوط قتلى إسرائيليين، والأمر الثاني لتخفيف حدة الانتقادات الأمريكية لهذه العمليات التي تضعف من مكانة السلطة الفلسطينية في مناطق (أ) تحديداً”.
وأوضح المحلل السياسي أن الظروف غير مهيأة لشن عملية موسعة، سواء الظروف الداخلية الإسرائيلية بما يتعلق بقرب الانتخابات حتى لا يكون هناك انتقادات خاصة تجاه رئيس الوزراء ووزير الجيش، باستغلال منصبيهما لتعزيز الأصوات الإسرائيلية، إضافة للعلاقات الخارجية، خاصة بما يتعلق بتركيا ومصر والولايات المتحدة الأمريكية الراغبة بتخفيف التوتر القائم في الشرق الأوسط.
غطاء قانوني
من جانبه، قال المختص بالشأن الإسرائيلي، عمر جعارة، إن إسرائيل لم تتوقف مطلقاً عن عملياتها العسكرية في الضفة الغربية والدليل هو حملات الاعتقال والمداهمات والاقتحامات والشهداء بشكل شبه يومي.
وأوضح جعارة خلال حديثه لـ “دنيا الوطن” أن العمليات مستمرة ومتواصلة بالضفة، والاحتلال ليس بحاجة لمسمى (عملية موسعة) لأن محاولة كبح المقاومة لن تنجح طالما بقي الاحتلال متواجداً.
ويرى أن إسرائيل ليست معنية حالياً بعملية مماثلة لـ (السور الواقي) التي جرت عام 2002 في رام الله وكان هدفها محاصرة الرئيس ياسر عرفات وإسقاط السلطة، على الرغم من أنها تنظر للرئيس عباس حالياً بأنه عدو وليس صديق.
وبين أن أي عملية عسكرية يقوم بها الاحتلال لا تتم إلا من خلال ضوء أخضر أميركي، وبمشاورة مع الولايات المتحدة لأنها الحاضنة السياسية العسكرية لإسرائيل.
وأضاف الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن الحكومة الحالية في إسرائيل حكومة مؤقته، ولا يمكنها أخذ قرار بعملية عسكرية موسعة لأنها تحتاج لغطاء قانوني لتنفيذها، وأكبر دليل ما جرى في قطاع غزة مؤخراً حيث أن رئيس وزراء الاحتلال يائير لبيد أخذ موافقة على عملية لمدة ثلاثة أيام فقط من قبل النائب العام وكان ملزماً بإنهائها في الوقت المحدد.