لم يفاجأ مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، يائير لبيد، من تصريحات رئيس الموساد، دافيد برنياع، حول الاتفاق النووي مع إيران خلال إحاطة لعدد من مراسلي وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس، الخميس. إلا أن مكتب لبيد ادعى اليوم، الجمعة، أنه شعر بالحرج مقابل الإدارة الأميركية من قول برنياع للمراسلين إن الاتفاق النووي هو “كارثة إستراتيجية” وأنه لا يمكن منع توقيع الولايات المتحدة عليه لأن للولايات المتحدة وإيران مصلحة مشتركة بإحياء الاتفاق، وفق ما ذكر المحلل السياسي لموقع “واللا” الإلكتروني، باراك رافيد، وهو أيضا مراسل موقع “أكسيوس” الأميركي في إسرائيل.
وبحسب “واللا”، فإن لبيد ومستشاريه “لم يحبوا” هذا الجزء من أقواله، بادعاء أنها لا تلائم الرسالة التي أراد مكتب رئيس الحكومة بثها، ولا تتلاءم أيضا مع مضمون المحادثات التي أجراها مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إيال حولاتا، في واشنطن، يوم الثلاثاء الماضي، والتي جرى وصفها بأنها “مطمئنة”.
غير أنه تجدر الإشارة إلى أن برنياع يستخدم وصف “كارثة إستراتيجية” منذ مدة، وفق ما ذكرت صحيفة “معاريف” يوم الثلاثاء الماضي، والتي نقلت عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إن موقف برنياع مهيمن في جهاز الأمن الإسرائيلي، وأن “الاتفاق النووي الآخذ بالتبلور بين إيران والدول العظمى بقيادة الولايات المتحدة هو اتفاق سيئ”.
وأفاد المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، اليوم، بأن موقف برنياع ليس مقبولا في جهاز الأمن الإسرائيلي، وأن شعبة الاستخبارات العسكرية (“أمان”)، التي تعتبر تقييماتها أنها الأهم في المستوى القومي، تصف تقييمات برنياع بشأن الاتفاق النووي بأنها “هستيرية”.
ويذكر أن لبيد نفسه قال خلال لقاء مع مراسلي وسائل إعلام أجنبية، أول من أمس، إن الاتفاق النووي آخذ بالتبلور وأنه “لا يستوفي المعايير التي حددها الرئيس بايدن بمنع تحول إيران إلى دولة نووية”، أي أن بايدن لا يفي بتعهداته.
وأشار “واللا” إلى أن لبيد وبرنياع ناقشا الإحاطة التي قدمها برنياع للصحافيين، وأن مصدرا في الموساد ذكر أن لبيد من برنياع أن يتحدث في الإحاطة عن أن الولايات المتحدة شددت مواقفها في المفاوضات مع إيران في أعقاب محادثات حولاتا في واشنطن.
وأضاف “واللا” أن برنياع امتنع عن استخدام هذه الرسالة خلال الإحاطة، وأنه بدلا عن ذلك وجه انتقادات شديدة إلى إدارة بايدن “تجاوزت خط الحكومة” الإسرائيلية، وأنه بعد نشر أقوال برنياع توجهت جهات في مكتب لبيد إلى مستشار رئيس الموساد وطلبت توضيحات وتصحيح أقوال برنياع.
ونقل “واللا” عن مسؤول في الموساد قوله إن سبب امتناع برنياع عن القول أو الولايات المتحدة شددت مواقفها تجاه إيران، هو أن الأخير لم يكن ضالعا شخصيا في الاتصالات مع البيت الأبيض، ولذلك “امتنع عن التطرق إلى أمور لم يكن ضالعا فيها بشكل شخصي”.
إلا أن الانطباع لدى مسؤولين في الموساد الذين تحدثوا مع برنياع، هو أنه رأى بالرسالة حول تشديد الموقف الأميركي كموقف للبيد وليس كموقف مهني، ولذلك رفض قول ذلك في الإحاطة للمراسلين.
ونقل مصدر في الموساد عن برنياع قوله، وفقا لـ”واللا”، إنه “لا أعلم إذا كان الأميركيون قد شددوا المواقف. وعندما يعود حولاتا من الولايات المتحدة سيشرح لي. وفي جميع الأحوال، فإن تشديدهم المواقف لا يعني أن الاتفاق سيكون أفضل أكثر أو أقل. وآمل أن تكون النتيجة بألا يُوقع الاتفاق لأنه سيئ”.
ويعتبر برنياع أنه المسؤول الذي يدفع الخط الأكثر تطرفا في الموضوع الإيراني داخل الحكومة الإسرائيلية. ونقل “واللا” عن مسؤولين استمعوا لأقواله في اجتماعات مغلقة وصفهم لعا بأنها “مسيانية”. وخلال لقاء بين برنياع وعدد من رؤساء الموساد السابقين، قبل عدة أشهر، دخل برنياع في مواجهة معهم حول الموضوع الإيراني بعدم ان شككوا في خطه، إلا أن برنياع لم يقتنع برأيهم.
ولم يكن صعبا على برنياع إقناع رئيس الحكومة السابق، نفتالي بينيت، بموقفه، لكن خلال السنة الأخيرة تمكن من إقناع لبيد أيضا بتبني موقفه، الذي بموجبه إحياء الاتفاق النووي يستهدف المصالح الإسرائيلية. وأشار “واللا” إلى أن حولاتا وكذلك مدير عام وزارة الخارجية، ألون أوشبيز، وكلاهما يؤثران جدا على لبيد،، يؤيدان موقف برنياع.
وفيما يتعلق بالمواقف داخل جهاز الأمن الإسرائيلي من الاتفاق النووي، أفاد “واللا” بأن مواقف رئيس “أمان”، أهارون حاليفا، ورئيس دائرة الأبحاث في “أمان”، عَميت ساعر، ورئيس الدائرة السياسية – الأمنية في وزارة الأمن، درور شالوم، معاكسة لمواقف برنياع ويرون وجود مصالح إستراتيجية لإسرائيل بإحياء الاتفاق. ورغم أن وزير الأمن، بيني غانتس، لم يصرح بذلك علنا إلا أنه يوافق على منطق المسؤولين في “أمان”، حسب “واللا”.
ويرى مؤيدو إحياء الاتفاق النووي أنه سيوقف تقدم إيران نحو صنع سلاح نووي ويعيد البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء، ويطيل “فترة انطلاق” إيران، وهي الفترة التي تحتاجها من أجل تجميع كمية كافية من اليورانيوم المخصب بنسبة عالية من أجل صنع قنبلة ذرية واحدة.
ويقولون أيضا إن البديل، بعدم وجود اتفاق وتقدم البرنامج النووي نحو القنبلة دون قيود، هو بديل أسوأ. والأمر الثالث، وفقا لـ”واللا”، هو أن الاتفاق يمنح إسرائيل وقتا من أجل الاستعداد لهجوم ضد المنشآت النووية الإيرانية.