قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان أن وزير الجيش الاسرائيلي بيني غانتس يحاول استرضاء قادة “المعسكر الوطني” الاسرائيلي، من خلال غض الطرف عن التوسع في بناء البؤر الاستيطانية.
ولا يترك المستوطنون، خاصة الذين ينتمون لمنظمات شبيبة التلال وتدفيع الثمن و”لاهافا” و”ريغافيم” وغيرها من منظمات الارهاب اليهودي، فرصة إلا ويستثمرونها للتوسع في بناء البؤر الاستيطانية وفرضها لاحقا كأمر واقع إما كمستوطنات جديدة أو أحياء تابعة لمستوطنات قائمة، حتى لو لم تكن مرتبطة بتلك المستوطنات.
وتعتبر انتخابات الكنيست في اسرائيل فرصة ملائمة ليس فقط لهؤلاء المستوطنين لابتزاز الاحزاب على هذا الصعيد بل وللسياسيين كذلك لاسترضاء هؤلاء المستوطنين في محاولة لكسب أصواتهم في الانتخابات.
على هذا الصعيد، يستغل هؤلاء المستوطنين الذين ينتمون في الواقع لمنظمات الارهاب اليهودي الفرصة تلو الأخرى ويتوسعون في السيطرة على اراضي المواطنين من خلال بناء المزيد من البؤر الاستيطانية وفرضها كأمر واقع بتسهيلات يوفرها لهم جيش الاحتلال.
ففي محافظة الخليل نصب مستوطنون عددا من “الكرفانات” وخيمة على أراضي المواطنين في واد سعير شمال شرق الخليل تمهيدا للاستيلاء عليها وإقامة بؤرة استيطانية جديدة، وفي الوقت نفسه أقام مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة على أراض تعود لمواطنين من كفر اللبد وسفارين وشوفة بمحافظة طولكرم على اراض الجبل المسمى (ابو لوقا) البالغة مساحته نحو 80 دونما وهي منطقة غنية باشجار الزيتون المثمرة وقريبة من مستوطنة “عناب” ويمنع المستوطنون بحماية الجيش أصحاب الأراضي من الوصول الى أراضيهم المستهدفة في تلك المنطقة.
وفي محافظة بيت لحم أقام مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة مكونة من مبانٍ خشبية في الكتلة الاستيطانية “غوش عتصيون” جنوبي الضفة، تمهيدًا لتحويلها إلى مستوطنة، ودعت حركة “السلام الآن” قوات الأمن الى عدم التسامح مطلقا مع مجرمي البؤر الاستيطانية” ودعت وزير الجيش بيني غانتس أن يأمر بتفكيك البؤرة الاستيطانية، واعتبرت أن “كل دقيقة تستمر فيها البؤرة الاستيطانية بأنها دليل على أن وزير الجيش يعمل على إرضاء ساعر وماتان كاهانا وينحرف نحو الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة، في إشارة إلى أن كلا من وزير القضاء رئيس حزب “أمل جديد” جدعون ساعر ووزير الأديان القيادي السابق في حزب “يمينا” ماتان كاهانا، وهما شريكان مع غانتس في كتلة “المعسكر الوطني” في الانتخابات البرلمانية المبكرة مطلع تشرين الثاني المقبل.
على صعيد آخر، تجري عمليات الاستيطان في القدس بوتيرة متسارعة لحسم ما لم يحسم خلال العقود الماضية، فقد كشقت منظمة “عير عميم” الاسرائيلية المناهضة للاستيطان في تقرير لها ان عمليات الاستيطان التي جرت على مدى الثلاثين سنة الماضية في قلب الأحياء الفلسطينية في القدس المحتلة خاصة في الشيخ جراح وسلوان والبلدة القديمة وغيرها، تنفذ ظاهريًا من قبل جهات خاصة، لكنها ترتكز على سياسة الحكومة وممكنة بواسطتها.
ولتفادي الانتقادات الداخلية والخارجية لهذه الأعمال، تجنبت الحكومة عموما التورط المباشر فيها، بدلا من ذلك، استخدمت الدولة آليتها للسماح للمنظمات اليمينية المتزمتة الخاصة بتنفيذ خطة مصممة لإنشاء بؤر استيطانية يهودية داخل الأحياء الفلسطينية في البلدة القديمة ومحيطها، ومقاطعها، وتغيير طابعها وإحباط إمكانية التوصل إلى حل سياسي في القدس.
ومن بين الجمعيات التي حصلت على ممتلكات من سلطات الاحتلال “عطيرت كوهينيم” وجمعية “العاد” التي ركزت كل جهودها على الحاضرة اليهودية في باب المغاربة/ حائط البراق، وسلوان في جنوب البلدة القديمة، وعين سلوان لتصبح اغنى واوثق الجمعيات الاستيطانية تعاونا مع الحكومة والأحزاب والبلدية، وتستمد هذه الجمعية دعمها المالي بنحو 70٪ من احزاب وشخصيات دينية داخل اسرائيل ومن أوروبا والولايات المتحدة، وتحيل البلدية ولجنة القدس في الحكومة الإسرائيلية اليها العمل في العديد من المواقع داخل اسوار القدس وفي سلوان وفي “القصور الاموية”.
وهناك شخصيات سياسية ومالية واستخبارية تدفع وتساعد وتمد هذه الجمعيات الاستيطانية بالمال والمعلومات لانجاح مشروع تهويد القدس والسيطرة على المنازل والاراضي والعقارات في البلدة القديمة ومحيطها من الاحياء والقرى باستخدام العديد من الممارسات بما فيها استخدام “حارس املاك الغائبين” و”السوابق الجنائية” لبعض المقدسيين استخدام القانون بطريقة استغلالية وحتى التحايل عليه.
وفي هذا السياق وتحت عنوان “المشروع العملاق” في مجمع القنوات على أراضي صور باهر جنوب غرب القدس، أعلنت بلدية الاحتلال عن فوز شركة “أزوريم” الإسرائيلية بالمناقصة الخاصة لبناء 434 وحدة استيطانية على طريق القدس– الخليل بتكلفة تصل إلى 1.07 مليار شيكل، ومن المقرر أن تقوم الشركة ببناء تلك الوحدات على أراض فلسطينية جزء كبير منها ضمن حدود القدس الغربية وقطاع طولي ضمن حدود القدس المحتلة عام 1967.
وتبلغ المساحة الإجمالية للمجمع حوالي 7.3 دونم، ويمتد المشروع بسلسلة مباني ضخمة تصل حتى مشارف قرية صور باهر وكيبوتس (رمات راحيل).
ويمثل شارع الخليل أحد أهم الطرق لأنه يربط القدس بشطريها بأكبر التكتلات الاستيطانية جنوباً بمستوطنات “جيلو” ومستوطنة جبل ابو غنيم “هارحوما” ومنها بسلسلة مستوطنات “كفار عتصيون” جنوب الضفة الغربية، حيث سيتم ربط هذه التكتلات او الاحياء الاستيطانية مع طريقً رئيسيً للمواصلات على خط السكك الحديدية الخفيف، ومن المتوقع أن يشمل تشييد ساحة ومدرجات للقاءات والتجمعات، ومبنى مخصص للحفظ (قناة مائية) وإنشاء منطقة مفتوحة مع الحفاظ على العديد من الأشجار في الجزء الجنوبي، الذي يرافق المياه إلى الشمال للحفاظ على المنظر الطبيعي والقناة التاريخية.
كما صادقت بلدية الاحتلال في القدس على خطتي بناء جديدتين لإيداعهما في اللجنة اللوائية تشمل بناء مبنى استيطاني ومركز تجاري في “بيت هكيرم” في “جفعات هفاريديم” على حدود الخط الأخضر بين القدس الشرقية والغربية وعلى مخطط لبناء حي استيطاني جديد أسفل مستوطنة “رموت” على أراضي لفتا تمتد حتى الحدود الجنوبية الغربية لقرية بيت إكسا شمال القدس الشرقية المحتلة.
ويقع المخطط في المنطقة الفاصلة حيث سيتم إزالة حديقة ومبان أقامها أحد المستوطنين أسفل قرية بيت إكسا شمال غرب القدس المحتلة قرب المحور الرئيسي والشارع الالتفافي 443، وخط سكة الحديد التي تربط القدس بتل أبيب، وحسب القرار سيتم بناء 270 وحدة استيطانية متدرجة بموازاة الجسر في قمة الجبل المقابل لقرية لفتا التحتا.
في الوقت نفسه، أقرت لجنة التخطيط والبناء المحلية خطة إنشاء حي استيطاني على أراضي قريتي صور باهر وأم طوبا جنوب شرقي القدس المحتلة وتوسيع كيبوتس “رمات راحيل”، وسبق أن اعلنت الحكومة الإسرائيلية عن هذا المشروع قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأيام وقررت تأجيل إقراره رسميا لما بعد الزيارة خشية تعكير أجواءها.
وحسب الخطة التي تم نشرها سيقام الحي الاستيطاني باتجاه مدخل جبل أبو غنيم “هار حوما” على منطقة يحدها الخط الأخضر من جهة وحدود 1967 من الجهة الثانية، وهي ضمن الخطة الإسرائيلية لبناء جدار استيطاني يفصل القدس الشرقية عن بيت لحم بجدار استيطاني من الشرق إلى الغرب.
وتشمل الخطة بناء 1400 وحدة استيطانية في المرحلة الأولى إلى الشمال من محطة وقود الكيبوتس (بجانب طريق الخليل) وأسفل مستوطنة (متسبيه يائير) فوق الكيبوتس المطل على جفعات هماتوس، بحيث تغلق وتستولي على مساحة واسعة من الأراضي الفلسطينية الخاصة، بحيث لا تبقى أراضي فارغة وتغلق المنطقة الجنوبية بالكامل في مشهد يكرس جدارا من المباني الاستيطانية تقطع التواصل الجغرافي والديمغرافي بين القدس وبيت لحم.
والخطة الإسرائيلية تقوم على 3 أهداف، هي مسح وإزالة الخط الأخضر عبر البناء على طرفية وبطريقة ممنهجة ومدروسة بحيث لا يمكن العودة إلى حدود عام 1967، وقطع التواصل بين القدس وبيت لحم التوأمين الدينيين، المهد والقيامة والأقصى، وان تتلاشى من الشهد القدس الشرقية المحتلة كعاصمة للشعب الفلسطيني.
ولا يتوقف الاستيطان في بقية محافظات الضفة الغربية، ففي محافظة سلفيت أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة لإقامة مستوطنة جديدة تقع غربي مستوطنة “أرئيل” أطلقت عليها اسم “أرئيل غرب”، من شأنها أن تغلق على مدينة سلفيت، وتمنع تطوير الحيز الفلسطيني فيها، وخطة “ارئيل غرب” لیست مجرد خطة لبناء مئات الوحدات السكنية، بل هي مستوطنة جديدة مصممة للإغلاق على مدينة سلفيت، بما يشمل قطع الطريق على أي تطور محتمل في البنية التحنية للمدينة.
وستناقش الإدارة المدنية- الحكم العسكري، مخططا لتعديل مسار طريق الوصول إلى المستوطنة الجديدة، بعد أن تبين أن طريق الوصول في المخطط الأصلي يمر عبر أرض خاصة تحول دون ابتلاع أراض فلسطينية خاصة، فتقرر أن تبقى معلقة لحين قرار المصادرة.
فيما أصدرت وزارة الإسكان الإسرائيلية عطاءات لبناء (731) وحدة سكنية لإقامة مستوطنة “أرائيل غرب”، والتي تعتبر رسميا جزءا من مستوطنة “أرئيل” لكنها عمليا منفصلة ونائية عنها، وفي الواقع مستوطنة جديدة ويتبين حسب “السلام الآن” بأن نشر العطاء قديم حتى قبل الانتهاء من جميع إجـراءات التخطيط المطلوبة، على الرغم من عدم وجود عائق قانوني أمام نشر مناقصة قبل اكتمال التخطيط، لكن هذا يشير إلى محاولة الإسراع في البناء والترويح له، لعزل ومحاصرة محافظة سلفيت والحد من توسعها.