ذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية بأن توتر يسود في العلاقات بين إسرائيل ومصر، منذ وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مطلع الأسبوع الماضي، بوساطة القاهرة.
وحسب الصحيفة، يأتي توتر العلاقات إثر رفض إسرائيل طلب مصر لجم عملياتها العسكرية في الضفة الغربية في أعقاب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي.
فغداة وقف إطلاق النار، أي يوم الإثنين من الأسبوع الماضي، جرى اتصال هاتفي “مطول” بين الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، يائير لابيد، شكر خلاله الأخير السيسي على جهود مصر من أجل وقف إطلاق النار، وفق ما ذكرت صحيفة “هآرتس”
وجاء في بيان صادر عن مكتب لابيد حينها أن الأخير شكر السيسي على “جهوده المكثفة من أجل التوصل لوقف إطلاق نار في قطاع غزة”، وأن السيسي “طرح القضية الفلسطينية”.
إلا أن بيان لابيد لم يذكر، وفقا للصحيفة، أن السيسي طلب من لابيد لجم العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، في الفترة التالية، كي لا يتجدد الصدام بين إسرائيل والجهاد في القطاع. ويذكر أن إسرائيل شنت العدوان الأخير على غزة بادعاء أن الجهاد هددت بالانتقام لاعتقال القيادي في الجهاد، بسام السعدي، في مخيم جنين، والذي رافقته مقاطع مصورة لاعتقال السعدي بشكل همجي.
وأثناء المحادثة بين السيسي ولابيد، استمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ عمليات في الضفة، واغتالت خلالها الناشط إبراهيم النابلسي، في نابلس. واستشهد في هذه العملية النابلسي وناشطين آخرين.
وأفادت الصحيفة بأنه في أعقاب ذلك “استشاط المصريون غضبا”. فقد توقع المصريون أن تصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي، في أعقاب محادثة السيسي – لابيد، بلجم عملياته، لكن مضمون المحادثة، وخاصة طلب السيسي، لم ينقل إلى الجيش الإسرائيلي ووزارة الأمن.
وينضم هذا الغضب المصري إلى توتر آخر بين الجانبين، سببه أن إسرائيل فاجأت مصر بشن العدوان على غزة، قبل أسبوعين، في الوقت الذي توقع فيه ضباط المخابرات المصرية إفساح المجال لهم لتهدئة الوضع وتبديد التوتر حول قطاع غزة، عندما فرضت إسرائيل إغلاقا على “غلاف غزة” في الأيام الأربعة التي سبقت العدوان. إلا أن لابيد ووزير الجيش، بيني غانتس، صادقا، في الخامس من آب/أغسطس الجاري، أن يغتال الجيش الإسرائيلي والشاباك قائد المنطقة الشمالية لقطاع غزة في الجهاد، تيسير الجعبري.
وفي مساء اليوم التالي، أعلنت مصر أنها باتت قريبة من تفاهمات مع الجهاد حول وقف إطلاق نار، لكن إسرائيل اغتالت قائد المنطقة الجنوبية للقطاع في الجهاد، خالد منصور. كذلك رفضت إسرائيل أن يشمل بيانا مصريا حول وقف إطلاق النار أن مصر تسعى للإفراج عن السعدي وعن المعتقل الإداري المضرب عن الطعام، خليل عواودة.
ووفقا للصحيفة، فإن “الغضب المصري أدى إلى المس بالتنسيق الأمني المتواصل مع إسرائيل”، لكن “يرجح أن يتبدد التوتر مع مصر في نهاية الأمر”، مثلما حدث في أعقاب توترات سابقة، لأن “المصالح الإستراتيجية المشتركة للدولتين أكبر من إمكانية تجاهلها”.
وقال المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، طارق سلمي، إن حركته تلقت وعوداً وتطمينات مصرية “جدية” بإلزام الاحتلال بالإفراج عن الأسيرين خليل عواودة المضرب عن الطعام منذ أكثر من خمسة شهور وبسام السعدي الذي اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي مطلع الشهر الجاري من منزله في مخيم جنين.
وأضاف سلمي لصحيفة “الأيام” الفلسطينية، إن المصريين الذين توسطوا لوقف إطلاق النار خلال العدوان الأخير أبلغوا قادة الجهاد أنهم مصرون على تطبيق تفاهمات وقف إطلاق النار التي تضمنت العمل من أجل إنهاء معاناة الأسير عواودة ومن ثم إطلاق سراحه، وكذلك إطلاق سراح القيادي في الحركة السعدي.
وأوضح سلمي: أن الاتصالات مع الجانب المصري متواصلة منذ اللحظة الأولى لانتهاء العدوان قبل أكثر من عشرة أيام ولم تنقطع أبداً، ويتمحور جلها حول ضرورة التزام الاحتلال بتطبيق تفاهمات وقف العدوان الإسرائيلي الأخير، الذي استمر لثلاثة أيام وأدى إلى استشهاد 49 مواطناً بينهم 17 طفلاً وإصابة 355 آخرين بجروح.
ونفى سلمي تقارير إعلامية تحدثت عن توجه وفد من حركة الجهاد الإسلامي لمصر مؤخراً، مؤكداً أن حركته مصرة على إطلاق سراح الأسيرين في أقرب وقت ممكن.
وقال: إن تمديد محكمة الاحتلال لاعتقال الأسير السعدي يأتي في إطار المحاولات الإسرائيلية للتنصل من التزامات وقف إطلاق النار وإحراج الوسطاء.
ولا يزال قادة الاحتلال ينكرون أي التزام من جانبهم لإطلاق سراح الأسيرين، ويؤكدون أنهم لن يطلقوا سراحهما بزعم أن تفاهمات وقف إطلاق النار لم تلزمهم بذلك.
وجاء في نص الاتفاق المصري لوقف إطلاق النار فقرة تشير إلى أن “مصر تبذل جهودها وتلتزم بالعمل للإفراج عن الأسير عواودة ونقله للعلاج، وتعمل على الإفراج عن الأسير بسام السعدي في أقرب وقت ممكن”.
يذكر أن الأسير عواودة (40 عاماً) من بلدة إذنا غرب الخليل، يواصل إضرابه عن الطعام منذ 159 يوماً، رفضاً لاعتقاله الإداري، في ظل تدهور خطير طرأ على وضعه الصحي.