كتب:عدلي صادق
منير الجاغوب عندما يُغرّد
يقول وهو المُعرَّف رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة “فتح” أن ما يسمى “المؤتمر العام الثامن” للحركة “ضرورة فتحاوية عاجلة، من أجل حماية فتح ومواصلة حضورها وقوتها في الشارع، ويجب أن لا يتأخر أكثر من ذلك. فليس من حق أحد أن يسلبنا هذا الحق، لأن فتح بحاجة لأن تظل مؤسساتها فاعلة ونشطة”. وأردف الجاغوب مؤكداً:”ليس المؤتمر هِبة ولا مِنّة من أحد. هذا حقنا ولا يحق لأحد أن يحرمنا من حقنا في ممارسة دورنا، في تقرير شؤون الحركة”!
هذا المتشاطر يستخدم أسلوب تجهيل الفاعل ولا يقول لنا من هو ـ بالضبط ـ الذي يحرمه من ممارسة حقه ويسلب إرادته، ويمنعه ويمنع أمثاله، من أخذ الحقوق في الأدوار التي يؤدونها لــ “تقرير شؤون الحركة”؟ ومنذ متى كان هؤلاء يقررون أو كانت المؤسسات فاعلة وقوية أو كانوا مسلوبين لا سالبين؟
لا نظن أن الجاغوب يشاغب ضد عباس، لأنه أصغر كثيراً من مثل هذه التخرصات. ولا نظن أنه يلاعب نفسه طاولة الزهر، فيأخذ الحجارة البيضاء لصالحه ويترك لإبليس الحجارة السوداء، ثم يمضي السياق، رمية للحجارة البيضاء تُنقل الحجارة بناء عليها، ورمية أخرى للسوداء، تُنقل الحجارة بناءً عليها بأمانة لا تدع مجالاً لاعتراض إبليس نفسه!
من هو الذي تتحداه يا جاغوب، ومن الذي يسلبك وأنت تتحدث عن حرمان لم يُصبك. بل أي حرمان ذاك الذي كنت ضده في أي يوم، وأي إقصاء أغضبك؟
فإن كنت تقرر ضمناً أن هناك “مؤتمر سابع” قد مضى بغير حرمان، وتطالب بالثامن لكي لا يكون هناك حرمان؛ فهل لك أن تصف لنا هذا النوع من الحرمان الذي تحتج عليه، أم تريدنا أن نشرحه لك..
في الحقيقة إن كلام الجاغوب، لا يستحق التعقيب، لكن الذي يستحق هذه السطور، هو المعنى الكامن وراء التغريدة. فكل ما في الأمر أن المتشاطر تلقى من سيّده الواهم الحالم بالوراثة، إشارة لأن يبدأ في اللعبة الساذجة التي يريدون من خلالها التمهيد للإعلان العاجل عن موعد ما يسمى “المؤتمر الثامن” والإيهام بأن هناك ضغوطاً مطلبية، من كادر الحركة، لفرض الانعقاد عاجلاً، وأن التشكي من الإرجاء بلغ الذروة، لدرجة أن تجار الموالاة أنفسهم قد استفزوا، ما أوجب الإسراع في تحديد موعد دقيق لانعقاد “الثامن” قبل أن يأتي الطوفان!
تاريخياً، لم يكن كادر فتح في عزها، وفي أيام اكتمال أطيافها، لم يضغط لكي ينعقد مؤتمر ولم يتحدث عن سلب حقوق. فبين المؤتمر الخامس والسادس، كانت هناك فجوة 21 سنة.
الهدف هو التوسع في الإقصاء، وإلحاق توفيق الطيراوي ـ في أحسن الأحوال ـ بأبي علاء ونصر يوسف ونبيل شعت وصخر بسيسو، وفي أغبى الأحوال وأكثرها رعونة، بمحمد دحلان وناصر القدوة، والقيام بعملية إحلال شاملة، تطفو بموجبها على سطح الحركة المخطوفة، عناصر تلائم الذي صدّق نفسه، وما زال يتوهم بأن الأمور ستؤول اليه!
أي حركة هذه يا جاغوب، التي تطالب باسترجاع مؤسساتها، وأي مؤسسات بالضبط وبأي فاعلية، ومن الذي أطاحها؟
في الحقبة الاستعمارية، كان كل شعب يثابر على صياغة دستور لنفسه، وظل يتمسك بأي وثيقة دستورية أتيحت له، حتى ولو كانت من فصل واحد يمكن البناء عليه، بينما محمود عباس يشطب الوثيقة الدستورية للسلطة ويسخر من “الميثاق” الوطني، ويحتقر قرارات أطر المنظمة؛ فأي مؤسسات تريد استرجاعها لفتح، يا طالب الحقوق؟
دعوكم من اللعب بالبيضة والحجر، فقد قرفت منكم الأماكن، أنتم وتلك التي جاءت لكم نقيضاً مناسباً و”على الجرح”.