روت عائلة الشاب محمد الشحام (21 عاماً) الذي استُشهد في حي الزغير في بلدة كفر عقب شمالي القدس المحتلة، فجر اليوم الإثنين، ما جرى من أحداث دامية في منزلها.
وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار من مسافة صفر على الشحام خلال محاولته فتح باب غرفته بمنزله في حي الزغير، ولم تكتفِ بذلك، بل تركته ينزف أكثر من نصف ساعة.
ويوضح ناصر الشحام للعربي الجديد، ابن عم والد الشهيد، أن قوة خاصة إسرائيلية داهمت حي الزغير حيث تقطن العائلة، وقامت بداية بتفجير مركبة تعود للشهيد، ثم اقتحمت البناية، ولدى وصولها إلى الشقة السكنية التي تقيم فيها العائلة، قامت بتفجير الباب الرئيس للشقة، وعلى الفور أطلق جنود الاحتلال النار من مسافة صفر على رأس محمد وتركوه ينزف مدة تزيد عن نصف ساعة.
ولم تكتفِ قوات الاحتلال بجريمتها البشعة، بل اعتدى الجنود على والدي الشهيد وإخوته وأخواته، وحصروهم جميعاً في غرفة واحدة وهم موثوقو الأيدي، وتركوا كلبهم المفترس ليحرس الغرفة، في حين قام أفراد تلك القوة الخاصة التابعة لجيش الاحتلال بتفتيش كامل محتويات المنزل، وإلحاق أضرار كبيرة فيها، ثم غادروا ومعهم محمد الذي يبدو أنه ارتقى في الطريق خلال اعتقاله.
ويؤكد الشحام أن الشهيد محمد لم يسبق له أن اعتقل، ولم يكن مطلوباً لقوات الاحتلال حتى تقوم بما قامت به من إطلاق نار وتفجير مدخل البناية والباب الرئيس للشقة، إضافة إلى التنكيل بالعائلة والاعتداء عليهم بوحشية، واصفاً ما جرى مع الشهيد بأنه جريمة إعدام بدم بارد.
وفي أعقاب الجريمة، شهدت بلدة كفر عقب، وهي مجاورة لمخيم قلنديا، مواجهات عنيفة بين الشبان وجنود الاحتلال خلال انسحابهم، وتعرضت الدوريات العسكرية لوابل من الحجارة وإلقاء “الطوب” عليها من أسطح البنايات العالية.
ولا تزال قوات الاحتلال تحتجز جثمان الشهيد لديها حتى الآن. ويقول ابن عم والد الشهيد: “لقد أُبلغنا أولاً باستشهاد محمد، لكننا لم نبلغ بعد بموعد تسلم الجثمان ليصار إلى تشييعه”.
وفي حديث إلى الصحافيين، يؤكد والد الشهيد أن ابنه كان آمناً في منزله، ولم يتعرض لجنود الاحتلال، بل هم من جاؤوا إليه. ويدحض الوالد رواية الاحتلال التي زعم فيها أن الشهيد كان يحمل سكيناً صغيرةً، قائلاً: “ابني محمد كان نائماً، وفتح الباب حينما سمع أصواتًا داخل المنزل، وحينما فتحه أطلق جنود الاحتلال النار عليه”.
ووفق الوالد، فقد أيقظته زوجته في وقت مبكر من فجر اليوم الإثنين، وأخبرته بأن جيش الاحتلال يحاوط المنزل، وحين خرج من غرفته ليعرف ما يجري، فوجئ بجنود الاحتلال يقتحمون المنزل من دون سابق إنذار بعد خلع الباب الرئيس، وشرعوا بإطلاق النار عليه وعلى أفراد عائلته، لكنه تمكن اللجوء إلى داخل غرفته، وبعدها سمع إطلاق نار باتجاه ابنه، مؤكداً أن ما جرى عملية تصفية لابنه، مضيفاً “نحن لا نعرف سبب قتله، لكن تمت تصفيته مثله مثل بقية الشهداء الذين جرى اغتيالهم خلال الأيام الماضية”.
وحمل الوالد قميص محمد الذي تلطخ بدمه الذي سفكه جنود الاحتلال على مدخل بيته الذي سادته الأحزان.
ويؤكد أن جنود الاحتلال حضروا إلى المنزل بهدف إعدام محمد كما فعلوا مع شبان غزة ونابلس والقدس وغيرها.
والدته المكلومة التي أصابها انهيار بعد إعدام جنود الاحتلال لمحمد، تقول في لقاء مع “شبكة الإرسال”: “كنا متفقين نزوجه في شهر 12 بس قتلوه”.
بينما تروي شقيقته عن آخر ساعات حياته قبل إعدامه: “إمبارح لعبت أنا واياه قبل ما ينام ويتقلوه الجيش كنا كثير نضحك”.
وتقول في لقاء مع “الإرسال” وهي تبكي بحرقة على شقيقها الذي “لن يعود”: “كان معي زي العسل مش راح يرجع هلأ”.
جنود الاحتلال بعد أن أطلقوا النار على محمد تركوه ينزف، لأكثر من 40 دقيقة على الأرض، قبل أن يعتقلوه ويفارق الحياة معهم.
والشهيد الشحام له شقيقان وشقيقتان، وهو الثاني في الترتيب بين إخوته، ويعمل في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 بمهنة الطلاء، علماً أنه أحد كوادر حركة فتح، وسبق له أن أصيب برصاص قوات الاحتلال، خلال مواجهات تزامنت مع اقتحامات قوات الاحتلال مخيم قلنديا وكفر عقب العام الماضي، وله قريب استشهد قبل خمسة أشهر برصاص قوات الاحتلال.
وبلغ مجموع الشهداء الفلسطينيين منذ بداية العام الحالي حتى اليوم 139 شهيداً، من بينهم 84 في الضفة الغربية بما فيها القدس، و4 شهداء من الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وشهيد واحد من غزة متأثراً بجروحه من معركة سيف القدس التي وقعت العام الماضي، إضافة إلى 50 شهيداً ارتقوا خلال العدوان الأخير على غزة بينهم 17 طفلاً.