أحدثت المواجهة الأخيرة التي شهدها قطاع غزة بين حركة “الجهاد” وإسرائيل، تصدعاً في العلاقة بين حركتي “حماس” و”الجهاد”، وصلت حد تجميد عمل الغرفة المشتركة التي تجمع مختلف الفصائل المسلحة في القطاع تحت قيادة الجناح العسكري لـ”حماس”.
وقال مسؤولون في “حماس” لقناة “الشرق” السعودية إن، “خلافاً” ظهر بين الحركتين على هدف هذه المواجهة وتوقيتها، والتي جاءت عقب قيام “الجهاد” بالتهديد بقصف إسرائيل إثر اعتقال أحد كبار قادتها في الضفة الغربية الشيخ بسام السعدي في مخيم جنين.
تجدر الإشارة إلى أن تهديدات “الجهاد”، أدت في حينه إلى إغلاق التجمعات السكانية الإسرائيلية الواقعة في محيط قطاع غزة لأيام، الأمر الذي استخدمته إسرائيل “عذراً” لاغتيال أحد قادة الجناح العسكري للحركة، تيسير الجعبري، وهو ما فجر المواجهة.
ورفضت “حماس” المشاركة في المواجهة التي استمرت 3 أيام، وأسفرت عن سقوط 47 فلسطينياً بينهم 12 من كبار قادة الجناح العسكري لحركة “الجهاد”، ما أثار غضب الأخيرة، وهو ما عبر عنه بعض قادتها، مثل الأمين العام زياد النخالة، في بعض التصريحات العلنية.
وقال أحد قادة “الجهاد” إن الغرفة المشتركة للفصائل “لم تعد قائمة” جراء عدم مشاركة “حماس” في المواجهة، لافتاً إلى أنه “مع عدم مشاركة حماس في المواجهة لم يعد للغرفة المشتركة أي معنى”.
الهدف والتوقيت
وقال مسؤولون في “حماس” لـ”الشرق”، إن “الهدف الذي وضعته حركة الجهاد عنواناً للمواجهة لم يكن مقبولاً، فلا يمكنك الذهاب إلى مواجهة مسلحة مع إسرائيل من غزة بسبب اعتقال شخص في الضفة الغربية مهما كان مركزه السياسي”.
وإذ ذكّر هؤلاء بأن “الاعتقالات لا تتوقف في الضفة الغربية، ولا يمكن وقفها من خلال التهديد بالقصف من القطاع، مثلما فعلت الجهاد”، شددوا على أنه “لو كان ذلك ممكناً لفعلناه منذ زمن بعيد”، لافتين إلى أن “توقيت الأزمة” كان أيضاً “موضع خلاف بين الحركتين”.
وأشار المسؤولون إلى “الأجواء الانتخابية السائدة في إسرائيل، تجعل من الحكومة أكثر شدة تجاه أي شيء تعتبره استفزازاً من غزة، وذلك بهدف تسجيل نقاط انتخابية على خصومها”.
“منافسة واضحة”
ويرى بعض قادة “حماس” أن حركة “الجهاد” لجأت إلى التهديد بالقصف عقب اعتقال السعدي من دون التشاور مع “حماس” بهدف الظهور كأنها “رأس حربة” المقاومة المسلحة في غزة، مشيرين إلى أجواء “المنافسة السياسية بين الحركتين حول قيادة المقاومة المسلحة رغم التحالف الظاهر بينهما”.
في المقابل، تتهم “الجهاد” إسرائيل بالإعداد لهذه الجولة مسبقاً، وتعتبر موقف “حماس” تخلّ عن فكرة العمل المشترك والغرفة المشتركة”.
وفي هذا السياق، كشف مسؤولون في الجهاد لـ”الشرق”، أن قيادة الحركة سبق أن أبلغت الوسطاء بأن “الأمر منته، من ناحيتها، وأنها لا تعتزم تنفيذ تهديدها بالقصف، لكن إسرائيل قامت بمباغتتها واغتيال أحد أبرز قادتها، ما دفعها للرد”.
لوم وانتقاد
وقال أحد مسؤولي الحركة: “من هنا، يأت لومنا لحركة حماس، فهي تعلم أننا لم نكن ننوي التصعيد، وهي تعلم أن إسرائيل هي من بادر للقصف والاغتيال، ومع ذلك لم تقف إلى جانبنا وتركتنا في الميدان وحدنا”.
وينتقد قادة “الجهاد” حركة “حماس” على ما يُسمونه قيام الأخيرة “بتغليب المصالح الحياتية على المصالح السياسية”. وقال أحد مسؤولي “الجهاد” لـ”الشرق”: “لقد غلبت حماس مصالح حياتية مثل التسهيلات الإسرائيلية، على المصلحة الوطنية الاستراتيجية المتمثلة في التصدي للاحتلال ومخططاته”.
من ناحيتها، تشدد “حماس” على أن المواجهة العسكرية “يجب أن تكون مدروسة من حيث الأهداف والتوقيت ودرجة الاستعداد”، مشيرة إلى أن “الأداء العسكري المتواضع” لحركة “الجهاد” في هذه المواجهة ينمّ عن استعداد ضعيف، خصوصاً وأنه جاء بعد عام فقط من حرب واسعة بين القطاع وإسرائيل استمرت 11 يوماً في مايو العام الماضي لم تتمكن خلاله الحركات المسلحة في غزة من إعادة بناء قدراتها العسكرية بصورة كافية.
“جهود لرأب الصدع”
وتقول مصادر في الحركتين إن هناك “جهوداً لرأب الصدع” بينهما، وإعادة بناء الغرفة المشتركة، لكن تلك المصادر لا تقلل في الوقت ذاته من أثر الخلافات التي تسبب بها المواجهة الأخيرة على مستقبل العلاقة بين الحركتين المتنافستين على قيادة المقاومة المسلحة في فلسطين.
تجدر الإشارة إلى أن دورة الحياة عادت إلى طبيعتها تدريجياً داخل قطاع غزة والمناطق الإسرائيلية المحاذية له، بعد دخول وقف النار بين إسرائيل وحركة “الجهاد” حيز التنفيذ في 8 أغسطس، بعد مواجهة استمرت 3 أيام.