بقلم السياسي: حسن عصفور
يبدو أن القناة القطرية، توافقت مع قيادة حماس على اختيار توقيت بث مقابلة رئيس حركة الفرع الإخواني في فلسطين (حماس) خالد مشعل سابقا ولاحقا، بعد انتهاء معركة “كرامة شعب”، والتي غدرت بها الحركة بقرار المواجهة مقابل صفقة “فلوس ودعم حكم مقابل حراسة أمنية وهدوء مطلق”، لتحرف نقاشا وطنيا عاما، داخل وخارج حول ذلك السلوك وحقيقة الدور بل والخدمات التي خدمت دولة العدو، خاصة بترويج ذات الدعاية أنها كانت معركة لشخص في إعفاء العدو عن مسؤوليته ببدء الحرب من خلال اغتيال الشهيد تيسير الجعبري ومن معه…
توقيت المقابلة وبثها، اعتقادا أنها قادرة على حرف الجدل الذي لن يزول بخدعة من هنا أو برعشة من هناك، جاءت لتأكيد الانحدار العام في سلوك بات مثار شبهة عامة، خاصة من أقرب من اعتقدوا أنهم “شركاء معها” في المواجهة، متجاوزين كل مسارها افي البحث عن ذاتها ومصلحتها، وطعنها أي “شريك” في لحظة ما، أي كان ذرائع الاستخدام، وستكون لمقابلة مشعل “الفتنة الوطنية”، نتائج تكميلية لما حدث بعد وقف إطلاق النار أثر معركة “كرامة شعب” التي خسرت بها الحركة الإخوانجية شرف المشاركة.
مقابلة الرئيس القادم للحركة الحمساوية مشعل مع القناة القطرية ليلة 12 أغسطس 2022، حملت من ركائز الخداع السياسي ما فاق الصدق السياسي منها، ولم يقتصر أمره عند حدود تلفيق حقيقة سبب الانقلاب الحمساوي يونيو 2007، على كتف محمد حلان القيادي في حركة فتح، بل أنه حاول بـ”ذكاء مرتعش”، تجاهل كل السلوك الإخوانجي تحت قيادته ضد السلطة الوطنية منذ 1994 وحتى يناير 2006، وكيف أنه قاد شخصيا حملات التضليل والتخوين للخالد المؤسس الشهيد ياسر عرفات، من العاصمة الأردنية طوال سنوات عشر قبل حركة الإبعاد، التي حدثت نتاج انتهاء المهمة والدور.
عداء الفرع الإخوانجي (حماس) للخالد ياسر عرفات لم يقف عند حدود بيانات التخوين والتكفير، بل عمل بكل “التسهيلات الممكنة” الممنوحة لهم، لتدمير الكيان الفلسطيني الأول فوق أرض فلسطين، لغاية غير وطنية تماما، الى أن جاء الأمر الأمريكي لقيادته عبر “الراعي الرسمي” قطر بالمشاركة في انتخابات يناير 2006 لاستكمال مهمة التدمير الذاتي للكيانية الفلسطينية.
لتنشيط الذاكرة العامة، قام مشعل بأمر جهازه الخاص تهديد إسماعيل هنية وآخرين، في يناير 1996 عندما وافقوا على المشاركة في الانتخابات التشريعية للسلطة الوطنية، عبر بيان لازال محفوظا في السجل الأرشيفي للشعب الفلسطيني، أمر نسق مع “الرعاة” في سياق منهج لتدمير وليس المشاركة..فكان القتل او الانسحاب، في سابقة هي الأوقح سياسيا..
مشعل، شخصيا من قاد دور حماس في العداء للسلطة الوطنية والزعيم الخالد الشهيد ياسر عرفات، رافضا أي شكل من اشكال التعاون ووقف المنهج التخربيبي الذي يحاولون القيام به، بالتوازي مع ما تقوم به دولة العدو بعدما انتخب نتنياهو يونيو 1996 العدو الأول للفلسطنة، كيانا وهوية، ولم يتجاوب لأي من نداءات التفاعل الإيجابي، وعندما خرج من صفوف حماس شخصية قيادية مارس 2004، اختار الذهاب فورا لبناء علاقة شراكة مع السلطة الوطنية لم يمنح وقتا، فتم اغتياله 17 أبريل 2004، بعد أقل من شهر لتسلمه قيادة حماس في القطاع، الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، بعدما توصل الى “وثيقة تاريخية” للشراكة الوطنية المطلوبة، والمفارقة الكبرى التي تاهت عن “الفتنوي مشعل”، أنها كانت مع محمد دحلان، بمشاركة الحمساوي إسماعيل هنية والفتحاوي سمير المشهراوي.
اغتيال الرنتيسي سبق اغتيال الخالد ياسر عرفات نوفمبر 2004، وكأنها رسالة ترتيب لما سيكون لاحقا بما يتوافق مع مخطط “الخلاص من الكيانية الموحدة”، تمهيدا لتعزيز المشروع التهويدي في الضفة والقدس تحت نقاب الانقسام والانفصال، والذي بدأ سريعا مع تنفيذ خطة شارون الخروج الأحادي من غزة، دون تنسيق مع السلطة التي اختارت محمود عباس رئيسا.
أسئلة تستحق التفكير:
*كيف يشرح مشعل، لماذا اختارت حماس “عهد العداء للسلطة وأبو عمار”، ورفض أي تعاون سياسي والمشاركة بالانتخابات الأولى على قاعدة أنها جريمة وطنية، بينما فجأة وافق على “شراكة أبو مازن” والدخول في الانتخابات يناير 2006، رغم ان السلطة لم تعد هي ذات السلطة بل فقدت جوهرها السياسي وتواصلها الجغرافي…ما هي مبرراتهم وكيف يفسر تصريحات قيادات قطر من الأمير الى بن جاسم وآخرين حول دورهم في “اقناع” مشعل وقيادة الحركة الإخوانجية قبولها بعد طلب أمريكي منهم بذلك، فهل باتت واشنطن قوة حامية للمشروع الوطني فجلبت حماس لتعزيزه.
*هل يشرح مشعل ما هي أسباب اعتقال د.موسى أبو مرزوق الرئيس الأول للحركة في أمريكا، ما فتح له القفز من موقع النائب الى الرئيس، فور الاعتقال.
*كيف لمشعل تفسير أن أهم عمليات عسكرية لحركته تم تنفيذها في داخل إسرائيل، وهو مقيم في الأردن، قبل الخروج الآمن المتفق عليه، نتاج انتهاء مرحلة الاستخدام، ثم غابت تلك العمليات كليا منذ 2006 وحتى تاريخه.
*هل لمشعل أن يفيد الناس بما ينفعهم عن سبب طرده من الأردن عام 1997، بعد إقامة واحتضان مطلق لم تحظ به أي قيادة فلسطينية رسمية، وليس قيادة فصيل إخوانجي.
*كيف يسفر طرده من سوريا..ولما يطلبون الآن من طوب الأرض للعودة لها، ولما يذهب أحد قياداتهم للتنسيق مع المخابرات السورية.
*كيف يفسر حظر حماس في السعودية، بعدما كانت حماس “طفلها المدلل” ماليا واستثماريا.
*كيف يفسر مشعل إهانته العلنية في بيروت من حزب الله خلال زيارته الأخيرة ديسمبر 2021.
*كيف يسفر مشعل وثيقة حماس حول الدولة المؤقتة، التي كان هو شخصيا قوتها الدافعة، وما قبلها مما عرف إعلاميا بـ “وثيقة يوسف” بعد لقاء وزير حكومة حماس الزهار مع وفد أمريكي في جنيف أواخر 2006…
*مشعل يدعي أن “الرئيس عباس” أخبره قبل الانقلاب الحمساوي تذمره من سلوك الأجهزة الأمنية…فلو كنت صادقا من الذي منع الوحدة بعدما غادر دحلان السلطة أواخر 2010، أي قبل 12 عاما…هل لا زال شبحه جدارا مانعا أم هناك غيره.
*هل من تفسير مشعلي لماذا كان جهاز المخابرات العامة في إسرائيل “الموساد”، ينقل شهريا المال القطري بالطائرة لتسليمه لحكومة حماس…هل يعتبر الموساد وفقا لذلك جزء من “محور مقاومة” أن هناك ” خدمات خاصة” سرية مقابلها؟
*هل لمشعل تفسير لماذا لا يزور قطاع غزة بين حين وآخر لـ “التعايش الإنساني”، وليس السياسي.
*هل من تفسير لمشعل عن سبب منعهم من الكلام من أرض تركيا، رغم انه كان العربي الوحيد الذي أيد الاحتلال التركي لأرض سورية وتتريك “عفرين”.
يوجد مئات الـ “هل ” التي ستواجه خالد مشعل وقيادة “الفرع الإخوانجي” في فلسطين، تنتظر جوابا لبعض ما سبق…
خالد مشعل في مقابلته مع القناة القطرية قدم أوراق اعتماد سياسية لجهات تبحث عن رسم مشهد “حل ممكن” عاموده الفقري سياسيا: “نتوء غزة ومحميات بالضفة”…مبروك!
ملاحظة: منسق أعمال حكومة الاحتلال نازل ترويج لصفقة حكم الإخوان في غزة.. “هدوء مقابل مصاري” ليل نهار…فاتح دفتره وهات يا إعلانات…الغريب ان الناس مصرة تتفاعل معه بدون أي ارتعاش وكأنه ضمن شروط الصفقة…يا زمن الانفصال شو فيك عجايب!
تنويه خاص: أهل غزة أصابهم بعض ذهول أن تغيب عن خطب جمعة جماعة حماس أي شي عن معركة “كرامة شعب” الأخيرة وكأنها لم تكن..والمصيبة انه بدأت التهديدات لكل من يحكي عن عارهم بالصفقة الأخيرة…يا غزة صبرك طال عليهم!