كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أن حركة الجهاد الإسلامي “في غاية السخط” تجاه جهاز المخابرات المصري؛ بسبب الدور الذي أدّته القاهرة خلال الساعات التي سبقت العدوان الإسرائيلي على غزة.
ونقل الموقع عن مصدر فلسطيني مقرب من حركة الجهاد الإسلامي قوله: “تعتقد الحركة بأنه تم الغدر بها من قبل المصريين، وأنهم كانوا جزءا من اللعبة، لجعلهم يشعرون بالاسترخاء والأمان قبيل تنفذ الضربات الجوية”.
وقبل أربع ساعات من بدء قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة يوم الجمعة، بلغ الوسطاء المصريون حركة الجهاد الإسلامي أن “إسرائيل” لم تكن تبحث عن تصعيد، وأنها سوف ترد “بشكل إيجابي” على طلب إطلاق سراح أعضاء في الحركة من السجن، وأُبلغت الحركة أن اجتماعا للحكومة الإسرائيلية سوف يعقد الأحد، لبحث الموضوع باعتباره إنجازا تفاوضيا.
وشدد الموقع على أنه تم إعطاء تطمينات لمسؤول كبير في المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي من قبل الوسيط المصري اللواء أحمد عبد الخالق ظهر الجمعة، وتحديدا قبل أربع ساعات وعشرين دقيقة من تنفيذ أول ضربة جوية للاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة.
وبحسب مصادر وثيقة الصلة بحركة الجهاد الإسلامي، فإن “ثمة سخطا شديدا وتوترا في أوساط حركة الجهاد الإسلامي بسبب دور الوساطة المصرية؛ لأنهم يعتبرون أن المصريين زودوهم بمعلومات وإيحاءات مضللة قبيل بدء الضربات الجوية مباشرة. ونتيجة لهذه المعلومات، فقد استرخت حركة الجهاد ولم تكن مستعدة للضربات الجوية”.
وقالت مصادر مقربة من حركة الجهاد الإسلامي لموقع ميدل إيست آي؛ إن اللواء عبد الخالق ضلل خالد البطش، المسؤول الكبير في المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، حين أخبره بأن انفراجا قد تحقق في المفاوضات المباشرة.
ولفت الموقع إلى أن “عملاء المخابرات الإسرائيلية مرروا عبر جهاز المخابرات المصري المعلومة التالية لحركة الجهاد الإسلامي: نريد إنهاء التصعيد. امنحونا حتى يوم الأحد، ونحن ندفع بهم (أي الزعماء السياسيين في إسرائيل) نحو الموافقة”.
تصاعدت التوترات في وقت مبكر من الأسبوع الماضي عندما اعتقلت قوات الاحتلال بسام السعدي، القائد الكبير في حركة الجهاد الإسلامي، داخل الضفة الغربية المحتلة.
ونقل الموقع عن مصدر مطلع على سير المفاوضات قوله: “عندما اعتقل الشيخ السعدي، جرت بعض النقاشات في غزة حول ما إذا كان الأمر يستدعي الرد، ذلك أن الطريقة التي اعتقل بها كانت مذلة، الأمر الذي أشعل فتيل الغضب، فسعى المصريون مباشرة إلى تهدئة الوضع”.
وأضاف: “وكان الشخص الذي يقوم بهذا الدور هو اللواء عبد الخالق الذي نقل رسالة تفيد بأن الشين بيت (جهاز المخابرات الإسرائيلي المحلي) غير راغب في التصعيد”.
وطبقا لمصدر مقرب من حركة الجهاد الإسلامي، طلبت الحركة من جهاز المخابرات المصري، وهو ما حصلت عليه فيما بعد، ضمانات مصورة بأن السعدي في حالة بدنية جيدة.
ثم طالبت حركة الجهاد الإسلامي بإطلاق سراح السعدي وكذلك خليل العواودة، عضو الجهاد الإسلامي المعتقل، الذي ما لبث يرفض تناول الطعام منذ أكثر من 150 يوما، في محاولة لجلب الانتباه إلى كونه معتقلا من قبل إسرائيل بدون محاكمة ولا توجيه تهمة.
وقالت المخابرات المصرية لحركة الجهاد الإسلامي؛ إن الشين بيت “يتعامل بإيجابية” مع الطلبات، وأنه حريص جدا على تخفيف التوترات. وقالوا أيضا؛ إنهم يدفعون الحكومة الإسرائيلية نحو إطلاق سراح الرجلين.
ولكن يوم الجمعة، تواصل عبد الخالق مع البطش، وأخبره بحدوث انفراج سوف يتم الإعلان عنه خلال الاجتماع الاعتيادي للحكومة الإسرائيلية يوم الأحد.
وبعد هذه التطمينات بأربع ساعات تقريبا، فَقَدَ الجهاد الإسلامي تيسير الجعبري، قائد القطاع الشمالي لسرايا القدس، الجناح العسكري في حركة الجهاد الإسلامي، بالإضافة إلى ما لا يقل عن تسعة أشخاص آخرين، بما في ذلك فتاة صغيرة في الخامسة من عمرها.
وبينما استمرت الضربات الجوية ضد غزة لليوم الثاني على التوالي، استهدف الاحتلال خالد منصور، أحد قادة القطاع الجنوبي في حركة الجهاد الإسلامي، وقتلوه في غارة جوية. ويذكر أن خالد منصور كان عضوا مشاركا في وفد حركة الجهاد الإسلامي إلى محادثات القاهرة.
الإشادة بالدور القطري
ونتيجة لتلك الضربات الجوية وسلسلة الاعتقالات في الضفة في وقت لاحق، فقد ساءت العلاقات بين حركة الجهاد الإسلامي والمخابرات المصرية، حتى إن أمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة، رفض استقبال مكالمات هاتفية من المخابرات المصرية، بحسب ما صرح به مصدر مقرب في حديث مع موقع ميدل إيست آي.
وكان الطرفان في السابق على علاقة وثيقة جدا، لدرجة أن حركة الجهاد الإسلامي كانت تقوم بدور الوسيط بين المخابرات المصرية وحركة حماس.
وتجلى الغضب تجاه المصريين بوضوح في وقت مبكر من الأسبوع، عندما تحدث النخالة في مؤتمر صحفي في العاصمة الإيرانية، طهران، حيث أشاد النخالة بالدعم الذي تلقاه من إيران ومن العراق ومن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ولكنه لم يشر إلى الدور الذي أدّته مصر.
كما شكر شبكة الجزيرة الإعلامية المملوكة لقطر لتغطيتها المستمرة للعدوان على غزة.
وقال الموقع؛ إن المصريين احتجوا على ذلك وأخبروا حركة الجهاد الإسلامي بأنهم لا يستوعبون لماذا يستحق دور الدوحة الإشادة، بينما يتم التغاضي عن جهود القاهرة في خفض التصعيد وتخفيف التوترات.
وبعد وقف إطلاق النار الذي توسطت لإبرامه القاهرة يوم الأحد، بمساعدة من الأمم المتحدة وقطر، نقل قادة حركة الجهاد الإسلامي عبر المخابرات المصرية أنهم سوف يوقفون الهجمات الصاروخية، بعد ما قيل عن تعهد إسرائيل بإطلاق السعدي والعواودة.
إلا أن ذلك ما لبث أن تبدد بعد استبعاد وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس إطلاق سراح السعدي.
وكان غانتس قد قال في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية الإخبارية: “كان اعتقال السعدي مبررا، ولست على دراية بأي تعهد بإطلاق سراحه”.
في محاولة لترميم العلاقات مع حركة الجهاد الإسلامي بعد العدوان الإسرائيلي، وعدت مصر بإرسال “وفد كبير” إلى إسرائيل لضمان إطلاق سراح العواودة.
في هذه الأثناء، هددت حركة الجهاد الإسلامي باستئناف العمليات العسكرية. وقال مصدر مقرب من الحركة في تصريح لموقع ميدل إيست آي: “تهدد حركة الجهاد الإسلامي بالعودة إلى التصعيد إذا لم يتحقق أي تقدم”.