بقلم: حمادة فراعنة
عدم توفر وسائط الحفر الميكانيكية، وافتقاد أدوات يدوية، دفع شباب غزة ليحفروا بأيديهم مظاهر الدمار ونتائج الخراب، بحثاً عن أحياء أو بقايا جثامين، حصيلة القصف الهمجي الإسرائيلي المنظم المقصود، المتقطع بين سنوات وأوقات: 2008، 2012، 2014، 2018، 2021 وآخرها 2022.
يحفرون بأيديهم لإزالة أطنان من الأتربة وبقايا البناء والحجارة والأثاث الخرب من قوة التفوق التدميري لقوات المستعمرة، الهادفة لاجتثاث حركة الجهاد الإسلامي وقياداتها، أو لإضعافها، لتبقى بلا قدرة، عاجزة عن توجيه ضربات موجعة لقوات الاحتلال.
المستعمرة تتفنن في التمزيق وتغذية الانقسام: عزل القدس عن الضفة الفلسطينية، عزل قطاع غزة عن الضفة والقدس، وعزلهم عن مناطق الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، تغذية الانقسام بين فتح وحماس، وبين القائمة البرلمانية الموحدة عن المشتركة، وها هي تستفرد بقطاع غزة بضربات موجعة، تستفرد بالجهاد الإسلامي، تغتال قياداتها منفردة، تعزلها عن سلطة حماس في غزة وقياداتها، رغم كل ما يقال عن غرفة العمليات المشتركة بين الفصائل، نغص ينتاب قيادات الجهاد الإسلامي بدون ضجيج.
خُبث المستعمرة مكشوف بائن لا يحتاج لذكاء لاكتشاف ما تفعله من استفراد وتمزيق وتفتيت، ضيق أفق الفصائل أيضاً مكشوف، فالمرض كما يُقال منا وفينا، حيث لا تخطيط يوازي تفوق المستعمرة، لم تعد صواريخ الفصائل موجعة أو مرعبة أو أداة توازن كما يدعي البعض، التوازن الحقيقي هو توظيف الشعب الفلسطيني وتجنيده وهو مهيأ للكفاح والاستعداد العالي للتضحية، وتحقيق الإنجازات كما حصل في الانتفاضة الأولى بهزيمة اسحق رابين، والانتفاضة الثانية بهزيمة شارون، هذا ما تفتقده الفصائل وهو: غياب ثقتها بشعبها، واعتمادها فقط على قدرات عسكرية محدودة لا تقارن بقدرات العدو المتفوقة.
ماذا يفعل فلسطينيو مناطق 48 أمام استعمال صواريخ الفصائل غير المؤذية، غير المؤثرة سوى الانتظار؟؟ ماذا يفعل فلسطينيو القدس سوى تجميد نشاطهم في الشارع وعدم مواجهة المستوطنين وحرس الحدود وجيش الاحتلال؟؟ وماذا يفعل فلسطينيو الضفة أمام هول الصواريخ المتدفقة؟؟.
من الغباء السياسي أن تواجه عدوك بسلاحه المتفوق، لا يجوز أن تصعد إلى الحلبة لمواجهة خصم أقوى منك، ها هو العدو قد صفى أبرز قيادات الجهاد الإسلامي، وهم خسارة جسيمة لشعبهم الذي يحتاجهم في معركة طويلة، سبق وفعلها حينما صفى قيادات حركة فتح: أبو عمار، أبو جهاد والعشرات، وفعلها مع قيادات حماس من أحمد ياسين إلى صلاح مجاهد والعشرات، وها هو يفعلها مع قيادات الجهاد الإسلامي من بهاء ابو العطا إلى تيسير الجعبري وخالد منصور، خسائر فادحة لن تتعوض مهما قيل أن الشعب الفلسطيني سيفرز البديل والجديد، ولكن متى وإلى أين؟؟.
فصائل العمل الفلسطيني عليها أن تدرك أنها بحاجة لبعضها البعض في مواجهة التفتيت والتمزيق والشرذمة، وادعاء الأفضلية من كل منهم مقارنة بالآخر، هم بحاجة لوضع برنامج لتجنيد العمل الجماهيري وتأطيره ليكون هو وليس سلاح الصواريخ القادر على الصمود في وجه مخططات الاحتلال، وهزيمته.
مطلوب إعادة العمل بمسيرات العودة إلى قطاع غزة، وإنهاء تسلط واستفراد حركة حماس، وتفعيل الانتخابات البلدية والنقابات ومجالس طلبة الجامعات، وصولاً إلى المطالبة الملحة لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، على قاعدة تداول السلطة والشراكة في مؤسساتها، ليتعلموا من المستعمرة كيف تتم الانتخابات لمؤسساتها، حتى تستقيم سلطتي رام الله وغزة وينتهي الانقسام رداً على تفوق المستعمرة وهمجيتها وفاشية ما تفعله بحق أطفال فلسطين وأهلها.