قال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور إن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى الحماية، وأطفال فلسطين يستحقون الحماية، ومن هؤلاء آلاء قدّوم ابنة الخمس سنوات التي استشهدت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.
وأضاف منصور، في كلمته خلال الجلسة الخاصة التي عقدها مجلس الأمن الدولي لبحث العدوان الإسرائيلي على شعبنا بطلب من دولة فلسطين، مساء اليوم الإثنين: “نحن بحاجة إلى تشكيل أفق سياسي جماعي يمكن أن يبعدنا عن الواقع الحالي ويخرجنا من المأزق الذي نحن فيه، يجب ألا ننتظر الحرب المقبلة أو الانتخابات المقبلة، السلام لا يتحقق بالانتظار، بل يجب أن تسعى إليه بكل قوتك وعزمك، تصرفوا الآن، أنقذوا الأرواح، أنقذوا السلام، مهما كانت التكلفة، يجب تحقيق السلام، لأن تكلفة الحرب ستكون دائما أعلى بلا حدود، وشعبنا هو من يدفع هذه التكلفة”.
وشدد على أن السلام في متناول اليد إذا ثبت أن إرادة أولئك الذين يسعون إلى السلام أقوى من إرادة أولئك الذين ينكرونه.
وأشار إلى أن إسرائيل تزعم أنها تدافع عن نفسها دائما حتى عندما تهاجم الشعب الفلسطيني، وأصبح ما يسمى بـ “حق إسرائيل في الأمن” رخصة للقتل، و”يجب إبطال هذا السلوك”.
وقال منصور: “تطالب إسرائيل لنفسها بالحق في الأمن الذي يبدو أنه يبرر قتل واضطهاد أمة بأكملها، تطالب بالحق في الأمن الذي من شأنه أن يتفوق على حقنا في الحياة، وحقنا في تقرير المصير، وحقنا في أن نكون آمنين في منازلنا، وتطالب بالحق في الأمن الذي يحل محل ميثاق الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، إنها تدعي لنفسها كل ما تحرمنا منه”.
وأشار إلى أن القانون الدولي يعتبر بمثابة معيار قياس لتصرفات أي شخص، و”نحن ملتزمون بقواعد هذا القانون ونظل مستعدين للالتزام به، لكن ماذا عن الطرف الآخر؟”، متسائلا “هل يمكنها (إسرائيل) الاستمرار في إعادة كتابة القواعد كما تشاء؟ وهل يمكنكم قبول هذه المعايير المزدوجة التي تقوض حماية القانون في كل مكان؟
كما تساءل منصور: “كم مرة ستبرر إسرائيل قصف شعبنا في غزة حتى يقول أحد كفى؟! كم سنة ستفرض حصارها اللاإنساني على مليوني شخص، نصفهم من الأطفال، حتى يقول أحدهم كفى؟! كم من الأطفال علينا أن ندفن حتى يقول أحدهم كفى؟!
وأكد أنه بغض النظر عن السلطة في إسرائيل، هناك سمتان ثابتتان للسياسة الإسرائيلية: قصف غزة والاستيطان، هذه حقائق لا يمكن إنكارها، مبينا أنه بينما كانت إسرائيل تقصف غزة هذه المرة، كان المتطرفون الإسرائيليون يقتحمون مرة أخرى الحرم الشريف وينتهكون الوضع التاريخي الراهن.
وشدد منصور على أن الاعتداء الإسرائيلي غير مبرر، والسبب الحقيقي هو الانتخابات الإسرائيلية المقبلة واليأس من جذب واسترضاء المتطرفين، أدى إلى 46 شهيدا فلسطينيا بينهم 15 طفلا، في مسرحية وعرض قوة مروّعة، لافتا إلى أن إسرائيل تقتل شعبنا لأنها تستطيع ذلك، “لكن متى سيظهر لهم العالم أنهم لا يستطيعون؟
وطالب منصور مجلس الأمن بموقف واضح من حماية المدنيين، قائلا: “هل حياة مدنيينا أقل جدارة بالحماية من غيرهم من المدنيين؟ هل هم بطريقة ما استثناء لكل قاعدة؟ هل هم في منطقة لا ينطبق عليها ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي؟ أم أن هوية المعتدي تكفي بطريقة ما لتبرير الحصانة الشاملة للجناة وعدم وجود حماية للضحايا؟، مشيرا إلى أن توصيات الأمين العام التي قدمت قبل 4 سنوات ورحبت بها الجمعية العامة لم تنفذ بعد.
وقال منصور: “هل سمعتم عن الوالدين اللذين أمضيا سنوات في محاولة إنجاب طفل وأخيرا أنجبا ابنا ليضطرا إلى دفنه بعد سنوات قليلة؟ هل سمعت عن عائلة النباهين، وهو اسم آخر يضاف إلى القائمة الطويلة للعائلات الفلسطينية التي فقدت أربعة أو أكثر من أفرادها بينهم ثلاثة أطفال؟ هل تعرف كيف تشعر بالعجز، وعدم القدرة على توفير أي حماية لطفلك، ومعرفة أنه لا يوجد ملاذ آمن في أي مكان، ولا مأوى في أي مكان للبقاء على قيد الحياة في حرب واحدة وانتظار الهجمة التالية؟ كيف يمكنني نقل هذه الأشياء حتى يفهم الناس أخيرا أن أولئك الذين يحتاجون حقا إلى دعمكم لأمنهم هم هذه العائلات الفلسطينية التي لا حول لها ولا قوة، وليست القوة النووية وليست القوة المحتلة”.
وأضاف: “كيف ستستجيب إسرائيل لمطالبنا بالحماية؟ عن طريق لوم الضحية، إسرائيل فوق اللوم، هي تقول إنها تقتل الفلسطينيين لأنها مضطرة لذلك، وعليها أن تفعل ذلك دائما، إذا كانت تسرق أرضنا، فهذا خطؤنا، وإذا كانت تقتل أطفالنا، فهذا خطؤنا، وإذا كانت تحتل بلدنا، فهذا خطؤنا، وإذا كانت تحاصر شعبنا، فهذا خطؤنا. إسرائيل تريد السلام وهذا هو سبب بناء المستوطنات الإسرائيلية وهدم منازل الفلسطينيين، إسرائيل تريد السلام، ولهذا فهي بحاجة إلى التوسع ونحتاج إلى العيش في جيوب. متى نقول كفى؟
وتابع: “هل يجب أن ننتظر الجولة التالية أم التالية؟ العدوان المقبل؟ التسوية التالية؟ ما هي عملية النقل القسري التالية للمدنيين؟ متى سنثبت أخيرا للشعب الفلسطيني أن هناك طريقا سلميا إلى الحرية، بدلا من القيام بكل شيء لإقناعهم بخلاف ذلك؟
ولفت إلى أن طفلا يبلغ من العمر 15 عاما يعيش في غزة وقد نجا من حصار أكبر منه، كم عدد الحروب التي يحتاجها للبقاء على قيد الحياة قبل أن يعود إلى الحياة؟ حياة بسيطة وآمنة في منزلهم.
وتطرق منصور إلى ما ذكره الأمين العام في تقريره عن الأطفال والنزاع المسلح: “لقد صدمت بعدد الأطفال الذين قتلوا وشوهوا على أيدي القوات الإسرائيلية خلال الأعمال العدائية، في الضربات الجوية على مناطق مكتظة بالسكان ومن خلال استخدام الذخيرة الحية… استمرار عدم المساءلة عن هذه الانتهاكات”، قائلا إنه “بعد أسابيع قليلة من إصدار التقرير نواجه نفس أنماط الاستخفاف بحياة المدنيين الفلسطينيين، وتحديدا حياة الأطفال الفلسطينيين، التي تعززها نفس الإفلات من العقاب”.
وأعرب منصور عن الامتنان لمصر لجهودها الدؤوبة لوقف هذا العدوان، وللأمم المتحدة والممثل الخاص للأمين العام وقطر وكل من ساعد في إنهاء هذا العدوان العنيف المقيت، مؤكدا أن هذا الوضع غير مستدام إلى حد كبير.
وعبر عن شكره للصين على قيادتها المقتدرة لمجلس الأمن، وعقدها هذا الاجتماع الطارئ للتصدي للانتهاكات الصارخة للميثاق ولقرارات هذا المجلس.
وقال منصور “أين نذهب من هنا؟ نعرف نتيجة المعادلة الحالية، نحن فلسطينيون أكثر من أي شخص آخر، لكن معادلة أخرى ممكنة، يجب أن تحدد أفعالك النتيجة التي تسعى إليها.
وأضاف: “لقد حدد المجتمع الدولي وهذا المجلس بعبارات لا لبس فيها النتيجة التي نتطلع إليها، والنتيجة موجودة في عدد لا يحصى من قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك القرارات التي اتخذها هذا المجلس، أنتم لستم متفرجون تصلون من أجل هذه النتيجة، فأنتم من يؤثر بشكل حاسم على النتيجة، أنتم الهيئة التي تستطيع تغيير الأمور وفرضها طبقا للقرارات الدولية، قُتل خمسة عشر طفلاً في غضون أيام قليلة، وأكثر بكثير أصيبوا بصدمات نفسية ومعاناة، إنهم يستحقون مستقبلا أفضل، مستقبلا يمكنك المساعدة في تحقيقه”.
ولفت إلى أن الرئيس الأميركي بايدن أكد خلال زيارته أن الفلسطينيين والإسرائيليين يستحقون تدابير متساوية من الحرية والأمن والازدهار، لم يقصد بالتأكيد أن الإسرائيليين ينبغي أن يتمتعوا بأكبر مستويات الحرية والأمن والازدهار، لكن ليس على حسابنا، وكذلك الشعب الفلسطيني يستحق الحرية والأمن.
وشدد على أن مصير غزة ألا تنتقل من أنقاض إلى أنقاض، ولا مصير فلسطين أن تبقى تحت الاحتلال، “مصير الشعب الفلسطيني أن يعيش في وطنه بحرية وكرامة وأمن”.