شباب قطاع غزة بلا أمل أو مستقبل

تحتل قضايا الشباب في فلسطين الواجهة المركزية كونها تمثل الهم الاكبر لما نسبته حوالي خمس المجتمع الفلسطيني، حيث يبلغ تعداد الشباب في الخارطة الهيكلية الفلسطينية حوالي مليون ونصف شاب من الضفة الغربية وقطاع غزة وجزء كبير جدا منهم حاصل على شهادات دراسية عليا من الجامعات او متوسطة من المعاهد والكليات ولكن نسبة البطالة لا زالت مرتفعة وخصوصا ونحن نتحدث عن واقع الشباب في القطاع المحاصر .


ووصل عدد الطلاب الحاصلين على درجات البكالوريوس والدبلوم في فلسطين، الى رقم مرتفع ورغم ذلك يدور الحديث عن معدلات بطالة عالية جدا في صفوف الشبان وخصوصا في القطاع، حيث تصل النسبة الى اكثر من ٦٧بالمئة.

أسباب فرضها الاحتلال

مرد هذه الوضعية يتعلق باسباب فرضها الاحتلال الاسرائيلي بحصاره المستمر على قطاع غزة للعام السادس عشر على التوالي وبالتالي فان فرص العمل في الداخل الفلسطيني تبدو محدودة وتقتصر على فئة متوسطي وكبار السن، بينما يبحث شباب غزة عن فرص عمل دراسية بتخصصات حديثة تواكب التطور التكنولوجي في دول عربية واجنبية .

ومع ان الجزء الاكبر من شباب غزة يعملون في قطاعات غير منظمة، الا ان ذلك لا يعتبر قاعدة لتنظيم حياة الشبان وصولا الى الزواج وبناء العائلات والاسر فالعمل هنا مؤقت ومرهون بالسوق المحلية فقط التي تقف امام امتحان التحدي في ظل ظروف الحصار والاجواء الاجتماعية الصعبة والظروف الاقتصادية المعقدة واهمها عدم القدرة على بناء شركات ومؤسسات عالية المستوى تدير الحركة العمالية في القطاع، وبالتالي فان الازمة تتفاقم سنويا وتحد من فرص وتطلعات الشباب الغزي لايجاد عمل يقتاتون منه ويؤمنون به مستقبلهم .

معطيات لجهاز الاحصاء

ويشير جهاز الاحصاء المركزي ان نصف الشباب الفلسطيني في قطاع غزة خارج دوائر العمل وبالتالي فان ذلك يؤثر على انتاج السوق المغلقة والمحدودة اصلا بامكانيات ضعيفة . وتؤثر هذه الوضعية على نسبة الزواج المبكر التي تضاءلت في السنوات الاخيرة بسبب عدم قدرة جزء كبير من الشباب تأمين احتياجات ومتطلبات الحياة الزوجية .وعلى العكس تماما فان نسبة المدخنين ارتفعت بين الشبان نظرا لعدم وجود فرص عمل وقضاء اغلب اوقات الفراغ في المقاهي والملاهي .

وتشير الاحصائيات الى ان نسبة المستخدمين لوسائل التكنولوجيا وخصوصا الانترنت بين الشبان في غزة ،تعتبر مرتفعة وبالتالي فانهم قادرون على الابداع وخلق فرص عمل في الخارج، لكن الحصار وصعوبة ايجاد مصادر مالية ليصرفوا على الخدمات والرحلات والاقساط الجامعية الباهظة تبقيهم في دائرة الشك ويبقى عدد يسير منهم بمقدوره الالتحاق باحدى الجامعات العربية او الاجنبية في الخارج .

مشهد قاتم

تبدو الوضعية الخاصة بمستقبل شباب غزة قاتمة في كل صورها فالمطلوب فرص عمل واسواق مفتوحة تعادل نسبة الموارد البشرية الجاهزة والتواقة للعمل ومن هنا ففي ظل كافة المعيقات المفروضة على القطاع فانه يمكن القول ان شباب غزة لا زالوا بلا امل وبلا مستقبل نظرا لانهم بلا عمل. ومن هنا يأتي دور الجهات الدولية والعربية المانحة لتوفير فرص عمل حقيقية تضمن لشبان غزة واهلها بشكل عام حياة كريمة وذلك لا يأتي الا بحل سياسي واجتماعي منطقي وعادل يضمن كافة الحقوق الفلسطينية واهمها رفع الحصار وبناء مدن اقتصادية ضخمة في قطاع غزة وفتح المعابر على مصراعيها وانشاء ميناء فلسطيني يوفر قدرات هائلة امام سوق العمل وبناء مطار فلسطيني من القطاع ينطلق برحلات جوية الى الخارج وتخفيض نسبة الضرائب والجمارك وخصوصا ما يخص رحلات وبعثات الطلاب للعمل او الدراسة في الخارج وتوفير مشاريع خاصة بالنساء كالخياطة وبعض الاعمال الحرفية والخزف. يذكر ان كل ذلك لا يعفي اسرائيل من ضرورة منح التصاريح باعداد هائلة لعمال القطاع ،اضافة لتوسيع مساحة الصيد في البحر الابيض المتوسط الى ابعد مدى لان الاسماك تعتبر احد اهم مصادر الدخل في القطاع وهي عصب تجارة الشراء والبيع .

وتبدو هذه المطالب والحقوق العادلة والمنطقية حبرا على ورق لسنوات طويلة قادمة، لان الاجواء لا تشير اطلاقا لقرب حدوث انفراجة سياسية في ضوء “سياسة القبضة الحديدية” التي تمارسها اسرائيل على قطاع غزة وخصوصا على حركات المقاومة وفي مقدمتها “حماس” والجهاد الاسلامي، اللتان تركزان على تحقيق ابعاد سياسية كبيرة لكنهما تدركان ان قطار الوقت يبدو صعبا وبالتالي فان المرحلة التالية يجب ان تحقق هدفا تكتيكيا مرحليا باستغلال كل الظروف لبناء قدرات الشباب وتوفير فرص عمل لهم نحو تحقيق عيش كريم لكافة سكان القطاع ومن ثم الالتفات للابعاد السياسية الاخرى التي تبدو امكانية تحقيقها بعيدة المدى حاليا وبالتالي من حق اهالي القطاع الحصول على فرص العمل والحياة بكرامة رغم وتحت كافة الظروف.

Exit mobile version