سمحت محكمة الاستئنافات العسكرية الإسرائيلية اليوم، الجمعة، بنشر بروتوكولات وقرائن تتعلق بمجزرة كفر قاسم، التي نفذتها فرقة من حرس الحدود، في 29 تشرين الأول/أكتوبر العام 1956، واستشهد فيها 49 مواطنا عربيا، بينهم أطفال ونساء ورجال.
ووقيلت الشهادات التي تحتوي البروتوكولات عليها خلال مداولات محكمة عسكرية أعقبت المجزرة. وسُمح بنشرها الآن إثر تقارير مسؤولين سياسيين وقانونيين، العام الماضي، تسمح بالكشف عن هذه الشهادات.
يشار إلى أن البلدات والقرى العربية كانت تخضع لحكم عسكري، منذ تأسيس إسرائيل وحتى العام 1965. وفي اليوم الذي ارتكبت فيه المجزرة تم فرض حظر تجول على القرى العربية في المثلث، إذ بدأ في ذلك اليوم العدوان الثلاث، الإسرائيلي – البريطاني – الفرنسي، على مصر.
قوات إسرائيلية في المثلث بعد المجزرة (أرشيف)
وقرر قائد حرس الحدود في تلك المنطقة، يسسخار شيدمي، تبكير سريان حظر التجول من الساعة التاسعة مساء إلى الساعة الخامسة مساء، لكن من دون الإعلان عن ذلك، ولم يكن قد عاد قسم من السكان من أعمالهم إلى قراهم. ولدى عودتهم أطلقت القوة العسكرية الإسرائيلية النار عليهم وقتلتهم بزعم تواجدهم خارج بيوتهم.
ويتبين من بروتوكولات المحكمة أن الجنود سُئلوا إذا كان بإمكانهم التبليغ عن الأحداث بأجهزة الاتصال اللاسلكي، وأجابوا بنعم.
وسُئل ضابط عن الاستعدادات لفرض حظر التجول في كفر قاسم، كونها قريبة من الحدود مع الضفة الغربية التي كانت حينها تحت الحكم الأردني. وأجاب الضابط أنه “عندما لا يكون هناك وقت، نتنازل عن أمور ليست ضرورية”.
واعترف أحد ضباط سرية في حرس الحدود، ويدعى حاييم ليفي، بأن قائد الكتيبة، شموئيل ملينكي، أبلغه بأن خطط عملية “الخلد” السرية لاغية وأنه توجد خطة جديدة.
ويتضح، وفقا لتقرير الإذاعة العامة الإسرائيلية “كان”، أن ضباط حرس الحدود تحدثوا قبل المجزرة بيوم واحد عن إمكانية احتلال الأردن، ولذلك كانوا في حالة استنفار. وانتشرت القوة الإسرائيلية حول كفر قاسم، باستثناء القسم الشرقي من القرية، بهدف تهجير السكان إلى الأردن.
وقال الضابط ليفي في إفادته أمام المحكمة إن قائد الكتيبة ملينكي أبلغه بشكل واضح بأنه “يُرغب بسقوط عدد من القتلى”. وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت أقوال ملينكي معقولة، قال ليفي: “فهمت أن هكذا ينبغي أن يكون، وأن هذه هي السياسة، الرغبة، وخلال ذلك قيل إن أي أحد يشاهد سيقتل، وأدركت ذلك من خلال الأمر العسكري الصادر”.
وأضاف ليفي أن “الأجواء السائدة كانت في هذا الاتجاه، عندما عملنا من أجل هدف معين. ورغم كل الشعور الإنساني، فالحرب هي حرب”.
وقال جنود أثناء مداولات المحكمة إنه كانت تسود أجواء حرب وأنهم كانوا مقتنعين أن الحرب ستنشب مع الأردن أيضا. وبحسب أحدعم، فإن “هذا بدا منطقيا بنظري، خاصة وأن خطة الخلد قال إن السكان قد يصبحون معادين”.
وقال شيدمي في شهادته أمام المحكمة، لدى سؤاله عن الأمر العسكري الذي تلقاه بخصوص المواطنين العائدين إلى بيوتهم في كفر قاسم، إن الأمر الذي تلقاه كان “الله يرحمه”. وأضاف لاحقا أنه أنه أصدرت هذا الأمر العسكري في حال حدوث أعمال شغب وخرق واسع لحظر التجول، ومن خلال التأكيد على أنه يحظر علينا خلق أوضاع قد تؤدي إلى انعدام هدوء”.
وزعم شيدمي أن “السياسة كانت أنه يجب الحرص، بأي ثمن، على مجرى الحياة الاعتيادي للمواطن العربي، وعدم سلبهم، وأنه يجب عدم القيام بأي عمل يتعارض مع نظام حياتهم العادي. وادعيت أنه يجب فرض حظر تجول ليلي على الأقل من أجل الحفاظ على السياسة بألا تحدث صدامات بين المواطنين العرب، ولذلك صادق قائد المنطقة العسكري على أن أفرض حظر تجول ليلي من دون إجلاء”.
وتشمل البروتوكولات التي سمح بنشرها مئات الوثائق التي تتضمن شهادات وإفادات جنود وضباط من الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود الذي شاركوا في ارتكاب مجزرة كفر قاسم.