كتب : د. طلال الشريف
الحالة الأمنية والنفسية والسياسية التي تشوب المجتمع الفلسطيني في الضفة وغزة والشتات منذ سنوات طويلة قد بدأت مرحلة من أخطر المراحل على السلم الأهلي في الضفة الغربية، أي بمعنى بدأت تتآكل ممكنات السلم الأهلي أو بمعنى أصح لوصف ما حدث جراء الهجوم على سيارة د. ناصر الشاعر المحسوب على حماس وإصابته برصاص مجهولين تعني انفراط عقد الحكمة والمسؤولية في أعلى المستويات السياسية والقيادية ودخلت على ما يبدو تلك الأحزاب لمستنقع الحرب الأهلية.
منذ وقت ليس بالقصير والمجتمع الفلسطيني يغلي بكافة التناقضات والهزائم والمعاناة جراء سياسات الإحتلال الهدامة وسلوكيات قيادات الإنقسام المرتبكين وتصاعد عناصر مجتمع الكراهية والعنف المتزايد وتكرار محاولات تصفية القضية الفلسطينية من المتداخلين في الشأن الفلسطيني، وفي العلن تدفع كل الحيثيات لحالة الإنفجار وها هي الحالة تنفجر على ما يبدو ولن يوقفها أحد وبنفس طريقة ما حدث في غزة قبل عقد ونصف، لكنها في الضفة العربية تشكل الخطر الأكبر وقد بدأت بالرؤوس الكبيرة، ما يعني أن الحالة تندفع بقوة أكبر لما سنشهدها من عمليات قتل واغتيالات ستمتد بالتأكيد هذه المرة إلى قطاع غزة ثانية لما به من وضع هناك قد تهيأ بفعل الظروف التي حاقت بأهل القطاع فرفعت مستوى التأهب للعنف الكامن بشدة لتصفية حسابات فصائلية بينية، وداخل كل فصيل في الحزبين الكبيرين وخلافات تفاقمت مع الوقت وكلها على خلفيات مصالح وصراع على السلطة، سواء بين الحزبين الكبيرين أو بين عناصرهما وقياداتهما وصراعها الداخلي.
انشغال الحزبين في الصراع وأعضائهما ومكاسبهما وقصور سياستهما في إدارة الصراع مع المحتل الذي يخطط ومستيقظ ومتحسب دائما لتحويل فرص الخطر عليه من ثورة شعبنا علىه يقوم الاحتلال بتوجيه البوصلة دائما لنقل الاشتباك لجماعات الفلسطينيين وها نحن نشهدها تنفجر بعد شهور من أزمة الاحتلال من ثوران الشعب الفلسطيني وأقرب الأمثلة ما مرت به القدس والمسجد الأقصى وحرب الصواريخ وحروبه على غزة ليتمكن الآن من نقل المعركة للداخل الفلسطيني والقادم أسوأ.
تبدأ هذه المرحلة هكذا باشتباكات واغتيالات بين الفلسطيني أينما توفر لهم ذلك في الضفة وفي غزة وفي لبنان وفي المهجر وستتوسع لحرب أهلية ينشغل فيها الفلسطينيون زمنا ترتفع فيها المعاناة أكثر ويرتاح الاحتلال وستكون نتائجها النهائية بالتأكيد خسائر في قضيانا الاستراتيجية كالأرص وتآكل الصمود الذي يتبعه الهجرة والتهجير ..
إنها اللعنة التي تصيب شعبنا باستمرار من جهل وأنانية قياداته وصراعهم على المكاسب ألا لعنة التاريخ على كل هؤلاء .
مهلا يا شعب فلسطين الأبي على اندفاعك نحو ما يرتب لك من دم وكن على ثقة بأن كل المآرب والنوايا والتجييش لغير بوصلة الخلاص من الإحتلال ومن العبث بالشعب وقضيته ومصير أجياله هي مشبوهة وستتلاشي شيئا فشيئا لو كنت عاقلا ولم تنحاز لكل هؤلاء الفاسدين الذين يريدون دمك للدفاع عن مصالحهم وستتحرر يا شعبنا وتستعيد كرامتك التي غيبوها بعيدا خلف جدران الفئوية والذاتية والفهلوة والجهل ..
لك النصر يا شعب فلسطين المبدع في حماية مستقبلك وقضيتك لأنك تستحق إذا أنكرت هؤلاء الساعين للخراب وتجارة الحروب ولم تنحاز لهم بأي شكل من الأشكال، فلا تصبح ضحية لما يخططون وكن ذكيا وإعزلهم هذه المرة ولا تكرر مأساة غزة.