أكّدت إيران وروسيا وتركيا “تصميمها على مواصلة التعاون للقضاء على الإرهابيين” في سورية، بحسب بيان مشترك صدر عن رؤساء الدول الثلاث، عقب قمة جمعتهم في العاصمة الإيرانية طهران.
وأشاد المرشد الأعلى الإيرانيّ، علي خامنئي، خلال استقباله الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الثلاثاء، بـ”التعاون الطويل الأمد” بين إيران وروسيا، داعيا لتعزيزه بين البلدين الخاضعين لعقوبات من دول غربية.
وكان بوتين قد وصل بعد ظهر الثلاثاء إلى طهران، للمشاركة في قمة إيرانية – روسية – تركية، تتمحور حول الملف السوري، والتقى بعد وصوله الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي ثم المرشد الأعلى. وهي ثاني زيارة يقوم بها بوتين خارج روسيا منذ شنه حربا في أوكرانيا.
خامنئي: هناك حاجة لإيران وروسيا إلى تعاون متبادل متزايد
وقال خامنئي وفق بيان نشره موقعه الإلكتروني: “التعاون الطويل الأمد بين إيران وروسيا يعود بفائدة عميقة على البلدين”، مشيرا إلى وجود “العديد من التفاهمات والعقود بين البلدين، بما في ذلك في مجالي النفط والغاز، يجب أن تتم متابعتها وتنفيذها بالكامل”.
الرؤساء الثلاثة؛ بوتين وإردوغان ورئيسي في طهران (Getty Images)
وذكر خامنئي أن “التعاون الطويل الأمد بين إيران وروسيا يعود بفائدة عميقة على البلدين”، مشيرا إلى وجود “العديد من التفاهمات والعقود بين البلدين، بما في ذلك في مجالي النفط والغاز، يجب أن تتم متابعتها وتنفيذها بالكامل”.
ونقل البيان عن المرشد قوله إن “الأحداث العالمية تظهر حاجة إيران وروسيا إلى تعاون متبادل متزايد باستمرار”، لا سيما في ظل العقوبات الغربية المفروضة على البلدين.
وفي حين أكد خامنئي لبوتين أن إيران “لا تسرّها معاناة الناس” جراء الحرب في أوكرانيا، جدد موقف بلاده المحمّل للغرب وحلف شمال الأطلسي (ناتو) المسؤولية.
وقال: “في حالة أوكرانيا، ما لم تقم أنت باتخاذ المبادرة، لكان الطرف الآخر قد تسبّب بالحرب بمبادرة منه”.
وتابع: “إذا كان الطريق مفتوحا لحلف شمال الأطلسي، فهو لا يعرف حدودا، وإذا تم وقفه في أوكرانيا، سيبدأ الحرب لاحقا تحت ذريعة (شبه جزيرة) القرم”.
وأكد بوتين خلال لقائه مع رئيسي أن “علاقات البلدين تتطور عمليا بسرعة جيدة”، وفق ما جاء في بيان للكرملين.
وباتت روسيا معزولة إلى حد بعيدـ بعد الحرب على أوكرانيا التي يشجبها ويرفضها عدد كبير من دول العالم، بينما تخضع إيران لعقوبات غربية، على خلفية برنامجها النووي.
وتأتي زيارة بوتين إلى طهران بعد أيام من جولة إقليمية قام بها الرئيس الأميركي، جو بايدن، شملت إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، والسعودية، وأكد فيها أن بلاده لن تترك فراغا في الشرق الأوسط يملؤه خصومها؛ روسيا والصين وإيران.
وبعد اللقاءات الثنائية، انعقدت القمة الثلاثية بين الرؤساء. وبث التلفزيون الإيراني صورا ظهر فيها رئيسي وسط إردوغان وبوتين وقد أمسك بيد كل منهما ورفعت الأيادي إلى الأعلى.
وتتمحور القمة حول الملف السوري، على وقع تهديدات تركية بشن عملية عسكرية واسعة في سورية. وهو أول لقاء ثلاثي لهم منذ العام 2019 ضمن إطار “عملية أستانا للسلام” الرامية لإنهاء النزاع السوري المتواصل منذ 2011.
وأكد أن بلاده ستواصل “قريبًا القتال ضد المنظمات الإرهابية” في شمال شرق سورية حيث يهدّد بشنّ عملية عسكرية منذ شهرين.
وقال إردوغان وإلى جانبه نظيريه بوتين ورئيسي في ختام قمة ثلاثية: “يجب أن يكون الأمر واضحًا للجميع: لا مكان في المنطقة للحركات الإرهابية الانفصالية وأتباعها. سنواصل قريبًا قتالنا ضد المنظمات الإرهابية” في سورية.
وأعلن إردوغان في بداية القمة أن بلاده تعتمد على دعم روسيا وإيران “في مواجهة الإرهاب” في سورية، مشيرًا إلى أن “الكلام لا يكفي”.
وقال إن “ما ننتظره من روسيا وإيران هو دعمهما في مواجهة الإرهاب”، بعدما عدّد الفصائل الكردية الرئيسية التي تنشط في شمال شرق سورية على الحدود التركية حيث يهدّد بشنّ عملية عسكرية منذ شهرين.
ولكل من روسيا وإيران وتركيا دور محوري في النزاع السوري. وقاد دعم موسكو وطهران لنظام الرئيس بشار الأسد إلى تغيير المعادلة على الأرض لصالح قواته، بينما دعمت تركيا فصائل معارضة له.
ويلوّح إردوغان منذ شهرين بشنّ عملية عسكرية ضد مناطق تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري، تنطلق من الحدود التركية وتمتد إلى منطقتي منبج وتل رفعت في ريف محافظة حلب في شمال سورية. وتسيطر تركيا وفصائل سورية موالية لها منذ 2016 على مناطق حدودية متاخمة في الشمال.
وتخشى أنقرة وجودا قويا لأكراد سورية عند حدودها، قد يعزّز موقع حزب العمال الكردستاني المتمرد داخلها والذي تصنفه منظمة إرهابية.
وأبلغ خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا في إيران، إردوغان أن عملية تركية في الشمال السوري، “ستعود بالضرر” على مختلف دول المنطقة.
وقال، وفق بيان على موقعه الإلكتروني، إنها “ستعود بالضرر على سورية، ستعود بالضرر على تركيا، وستعود بالضرر على المنطقة”.
وحذّر من أن الخطوة التركية المحتملة ستحول دون تحقيق “الدور السياسي المتوقع من الحكومة السورية أيضا”، وستصبّ في صالح “الإرهابيين”، معتبرا أن على “إيران وتركيا وسورية وروسيا حل هذه المشكلة من خلال الحوار”.
وتوجه لإردوغان بالقول: “نحن نعتبر أمن تركيا وحدودها من أمننا، وأنتم أيضا اعتبروا أمن سورية مثل أمنكم”.
وخلال مؤتمر صحافي، اعتبر الرئيس التركي أن التنظيمات الكردية “مشكلة كبيرة للبلدين”، أي إيران وتركيا.
وأضاف: “علينا أن نقاتل ضد هذه المنظمات الإرهابية بالتكافل والتحالف”.
وسبق لموسكو أن أعربت عن أملها في أن “تُحجِم” أنقرة عن شنّ الهجوم.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” مساء الثلاثاء، أن وزير الخارجية السوري فيصل المقداد وصل الى العاصمة الإيرانية
تصدير الحبوب الأوكرانيّة
من جهة أخرى، تحضر الحرب الأوكرانية بقوة على هامش القمة وفي اللقاءات الثنائية. وأعلن بوتين بعد اجتماع عقده مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تحقيق تقدم في مسألة صادرات الحبوب الأوكرانية.
وقال بوتين متوجّهًا إلى إردوغان في تصريحات أوردها الكرملين في بيان “أودّ أن أشكركم لجهود الوساطة التي بذلتموها، لاقتراحكم تركيا كميدان مفاوضات حول مشكلات الإنتاج الغذائي ومشكلات تصدير الحبوب عبر البحر الأسود”.
وأضاف: “بفضل وساطتكم، أحرزنا تقدّمًا. لم تحلّ كل المسائل بعد، هذا صحيح، لكن هناك حركة وهذا أمر جيّد”.
وكان بوتين يشير إلى الآليات التي ستسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية العالقة بفعل الهجوم العسكري الروسي، عبر ممرات بحرية آمنة، في ظلّ الخشية من حصول أزمة غذاء عالمية.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة الماضي، أن “وثيقة نهائية” ستكون جاهزة قريبًا للسماح بتصدير الحبوب من أوكرانيا، في أعقاب مباحثات بهذا الشأن استضافتها إسطنبول الأربعاء الماضي، بين موسكو وكييف.
وتسبب وقف تصدير الحبوب بارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار الطاقة بسبب العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا ردا على الحرب الروسية.
وتهدف الاتفاقية التي تم التفاوض عليها من خلال الأمم المتحدة إلى إخراج نحو 20 مليون طن من الحبوب المحجوزة في الصوامع الأوكرانية عبر البحر الأسود، بسبب الهجوم الروسي.