بقلم: جيمس زغبي
كانت مشاعري المتضاربة بشأن الرابع من تموز في طور التكوين. عندما كنت في الصف الثامن، فزت بمسابقة في الخطابة على مستوى المدينة، حيث ألقيتُ كلمة حول حب الوطن أمام الجمهور، بمن فيهم والداي الفخوران.
لقد ارتقيتُ في صفوف فتيان الكشافة، وتعهدت بالولاء لعَلم البلاد، واختبأت مع زملائي في الصف تحت المكاتب في الفصول أثناء التدريبات على الغارات الجوية. وذهبت لمشاهدة عروض الألعاب النارية التي تقام سنوياً بمناسبة الاحتفال بالرابع من تموز، وكنت أبتهجُ بسعادة عندما كانت تنفجر في السماء.
وعندما بلغت سن المراهقة، كانت أمي تطلعني على صندوقٍ من الرسائل أرسلها اثنان من أعمامي – كلاهما من جنود المشاة في ميدان المعركة في أوروبا في الحرب العالمية الثانية – يسردان تجربتهما في معركة الثغرة، والعبور إلى ألمانيا، ودخول معسكرات الاعتقال في نهاية الحرب. كنت أقرأ رسائلهما بنهم، وأتعجب من بطولتهما، وأشعر بالحزن على رفاقهما المفقودين، وشعرت باحترام عميق لتضحياتهما وإحساسهما بالهدف.
لقد شكلت هذه التجارب سنواتي المبكرة. ومع ذلك، فقد تلاشت هذه المشاعر الشبابية بالفخر الوطني في منتصف الستينيات حيث كان الأميركيون يتصارعون مع إرث خطايانا الأصلية ضد السود والأميركيين الأصليين، وواجهوا التحدي في حرب فيتنام. لقد عارضت هذا الصراع وشاهدت عدداً كبيراً جداً من أبناء جيلي يتم تجنيدهم وإرسالهم للقتال حيث يتعرضون للموت أو التشوه الجسدي أو النفسي في صراع ما كان ينبغي لنا أبداً الدخول فيه ولم يخدم أي غرض.
كان الأمر الأكثر إثارة للقلق هو إعادة تشكيل الموضوعات التي نشأت من تاريخنا في الحروب – حرب الاستقلال والحرب الأهلية والحربين العالميتين – لتوليد الحماسة الوطنية: الادعاءات الكاذبة بأن أولئك الذين كانوا يتم إرسالهم لمواجهة الموت كانوا «يضحون بأرواحهم من أجل حريتنا» أو «محاربة الطغيان» أو «محاربة العدو هناك، حتى لا نضطر لمحاربتهم هنا». انتهت حرب فيتنام بمقتل 55000 أميركي وربما مليون فيتنامي. وكانت الضحية الأخرى هي حب الوطن الساذج الذي كنت أشعر به في شبابي.
بيد أن حدثاً واحداً مثيراً للقلق غير موقفي تجاه الرابع من تموز في عام 1983. كنت أنا وزوجتي نستضيف فتاة لبنانية تبلغ من العمر 12 عاماً، تُدعى فايزة، والتي كانت ضحية قصف إسرائيل لبيروت الغربية حيث مزقت قنبلة عنقودية ساقها. في الرابع من تموز، اصطحبنا عائلتنا كالمعتاد لمشاهدة الألعاب النارية التي تقام بهذه المناسبة. مع بدء العرض، لن أنسى أبداً ردة فعل فايزة التي بدا عليها الرعب وكانت ترتجف وأجهشت بالبكاء. ما كنا نراه عجباً وفرحاً كان بالنسبة لها بمثابة تذكير مؤلم بالقصف الليلي لمدينتها. وبعد أن أدركنا خطأنا الجسيم، سرعان ما جمعنا الأطفال معاً وغادرنا.
لم أشعر أبداً بالشيء نفسه حيال الألعاب النارية. حتى عندما أراها من بعيد، كنت أتذكر فايزة وجميع الأطفال الذين يعيشون في خوف من القنابل سواء في أوكرانيا أو سوريا أو إسرائيل أو غزة. لقد شهد الرابع من تموز من هذا العام صدمة أخرى نتيجة حادث إطلاق نار جماعي آخر – هذه المرة في موكب في هايلاند بارك، بولاية إلينوي – مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة العشرات. لقد دُعيت لمشاهدة عرض الألعاب النارية من الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض.
وعلى الرغم من أنني لم أكن متحمساً للحضور، فقد قررت مع مرور اليوم أن أفعل ما لم أفعله منذ سنوات وذهبت. وأشعر بالسعادة لأنني فعلت ذلك. بينما كنت أتجول، كنت أنظر قليلاً إلى السماء وأكثر في وجوه أولئك الذين تجمعوا، وشعرت بشعور مختلف. رأيت رجالاً ونساء وأطفالاً من كل عرق وعقيدة. ارتدى البعض ملابس باللون الأحمر والأبيض والأزرق، بينما كان آخرون يرتدون ملابسهم العرقية. عندما كنت أمر بينهم، كنت أسمع لغات مختلفة منطوقة.
اجتمع الأميركيون في البيت الأبيض، كما كان الأميركيون الآخرون يجتمعون في أحداث مماثلة في الحدائق أو المدارس في آلاف المدن والبلدات في جميع أنحاء هذا البلد. لقد اجتمعوا للاحتفال، ليس بالقنابل أو الحروب، ولكن بالحرية والفرصة والقبول الذي سعوا إليه هم أو أسلافهم في هذا البلد. بينما كنت أسير وأشاهد، شعرت بالرضا عن بلدي. والآن على وجه الخصوص، حيث إن حرياتنا وفرصنا وقبولنا للتنوع مهددة – ليس من قبل عدو أجنبي، ولكن من قبل التعصب العنيف والجشع والتعصب – يجب أن نحتفل بتنوعنا الأميركي والقيم الطموحة التي جلبتنا إلى هنا ونستمر في المضي قدماً إلى الأمام. إننا بحاجة إلى هذا النوع من الوطنية إذا أردنا أن نستمر في الازدهار ونصبح «أرض الأحرار ووطن الشجعان».