أعاد لقاء الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع إسرائيل آموس هوكشتاين، مع الجانب الإسرائيلي، الزخم إلى المباحثات المعلقة منذ نحو عام، وحمل مؤشرات على “حلحلة” تعيد استئناف المفاوضات غير المباشرة في الناقورة في أقصى جنوب غربي لبنان، حسب ما قالت مصادر لبنانية مواكبة لملف المفاوضات لصحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية.
وبدأت المؤشرات الإيجابية تظهر في بيان الخارجية الأميركية ليل الاثنين، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، إنه “بعد مباحثات مع النظراء اللبنانيين في وقت سابق من هذا الشهر، أجرى كبير مستشاري أمن الطاقة آموس هوكستين محادثات الأسبوع الماضي مع النظراء الإسرائيليين حول حدودهم البحرية”.
وقال إن “المباحثات المتبادلة كانت مثمرة ودفعت قدماً باتجاه تضييق الخلافات بين الجانبين”، مؤكداً أن الولايات المتحدة “ستواصل العمل مع الأطراف المعنية خلال الأيام والأسابيع المقبلة”.
ولا يعرف المسؤولون اللبنانيون ما سيحمله هوكشتاين بعد، كما لم يتحدد أي موعد لعودته إلى لبنان، بانتظار عودة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، الموجودة خارج البلاد.
وقالت المصادر: “إننا ننتظر عودة هوكشتاين لمعرفة ما يحمله من الجانب الإسرائيلي ليُبنى على الشيء مقتضاه”.
وقالت المصادر إن الزيارة الأخيرة لهوكشتاين إلى بيروت، “أثمرت إيجابية على صعيد استئناف المفاوضات”، ويتمثل أهم ما طرأ عليها، بأن رئيس الجمهورية “أَسمَعَ الأميركيين ما يتيح استئناف المفاوضات، وبالتالي إقناع الجانب الإسرائيلي بالعودة إلى التفاوض”، وذلك بعد ممانعة تل أبيب لاستئناف المفاوضات، على خلفية المطالب القصوى التي طالب بها لبنان في الجولات السابقة، وهي المطالبة بالخط 29 الذي بات الآن خارج النقاش.
ولطالما مثل الخط 29 التفاوضي، الحد الأقصى في المطالب اللبنانية.
وقالت المصادر المواكبة للملف إن الفارق بين السابق والآن، أن المفاوض اللبناني “طرح زاوية جديدة للتفاوض مختلفة عن الطروحات السابقة التي عقدت المفاوضات، بمعزل عن تفاصيلها، بهدف استئناف التفاوض”.
وقالت مصادر لبنانية مواكبة لمسار التفاوض والوساطة الأميركية، إن الأساس هو اتفاق الإطار الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري في مطلع تشرين الأول 2022 مشددة في تصريحات لـ”الشرق الأوسط” على أنه “لا يمكن إهماله”، كونه ينص على التفاوض وتثبيت الحدود والتوقيع في وقت لاحق.
ترسيم الحدود
وفي جديد ما انتهت إليه اتصالات الوسيط الاميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل عاموس هوكشتاين، انّ لبنان ينتظر جوابا اميركيا في مهلة اقصاها الاسبوعين المقبلين لعدم نجاح هوكشتاين في ترتيب لقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين قبل نهاية الاسبوع الماضي، بسبب انشغاله في اعمال مهمة تتصل بأزمة الطاقة العالمية والتحضير لزيارة الرئيس الاميركي جو بايدن لإسرائيل والسلطة الفلسطينية والرياض والقمة العربية – الخليجية – الاميركية المقررة في العاصمة السعودية في 16 تموز المقبل.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لصحيفة “الجمهورية” اللنانية، انّ لبنان ينتظر عودة السفيرة الاميركية دوروثي شيا الى بيروت خلال الأيام القليلة المقبلة، في اشارة واضحة الى انتهاء عطلتها الخاصة في بلادها والتي كانت قد اضطرّت لقطعها لأسبوع بسبب زيارة هوكشتاين الاخيرة للبنان في منتصف حزيران الجاري.
ولكن عودتها لا تعني أنها ستحمل الجواب النهائي في ظل ما تردّد امس عن اتصال طويل جرى بين هوكشتاين ونائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الذي كلّفه رئيس الجمهورية متابعة ملف الترسيم، ولم يعرف ما اذا كان هذا الاتصال قد تم بعد اللقاء بين هوكشتاين والمسؤولين الاسرائيليين للتثبّت من اطلاع بوصعب على تفاصيل الجولة الاولى من المفاوضات التي أجراها مع المسؤولين الإسرائيليين في ظل دعوات هوكشتاين الدائمة الى ضرورة التريّث لفترة ليست طويلة ليتمكن من الحصول على الموقف الاسرائيلي النهائي من العرض اللبناني الاخير لترسيم الحدود.
قمع الثوار
ووفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، فإن هوكشتاين نقل إلى تل أبيب موافقة لبنان على وقف المطالبة بحقل “كاريش” شرط قبول الجانب الإسرائيلي بوقف المطالبة بأي جزء من حقل “قانا”. وقالت مصادر متابعة للملف في بيروت لصحيفة “الأخبار” اللبنانية، إن تعمد بيان الخارجية الأميركية الإشارة إلى “تضييق مساحة الخلافات” يعني أن الوسيط الأميركي توصل إلى “شيء ما مع الإسرائيليين أو أنه في وارد ذلك”.
ورجّحت احتمال نجاح هوكشتاين في دفع العدو إلى التراجع عن مطالبته بالخط 1 بعدما نجح في انتزاع تخلٍ لبناني شفهي عن الخط 29، ما يعني تقليص الخلاف وضمان العودة إلى الخط 23.
وبناءً عليه، يفترض أن تكون الخطوة المقبلة إعادة إحياء طاولة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة “من دون شروط متبادلة”، التزاماً بما طلبه هوكشتين في بيروت خلال زيارته، على أن ينحصر البحث بين خط “هوف” والخط 23 معدلاً بعدما أضاف لبنان إليه كيلومترات قليلة تضمن حصوله على حقل “قانا” كاملاً، مع التزام لبناني بعدم العودة للمطالبة بالخط 29 مقابل التزام إسرائيلي مماثل بعدم طرح الخط 1″.
من جهة أخرى، بدا لافتاً أن القوى السياسية والنواب الجدد الذين “ثاروا” خلال الأسابيع الماضية مطالبين بالخط 29 اختفوا عن السمع، وتوقفت غالبية هؤلاء عن الحديث عن الأمر.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا عملت على “لجم اندفاعة” هؤلاء، وأبلغتهم أن ما يقومون به من مزايدات على الرئيس ميشال عون اعتقاداً منهم بأن موقفهم يحرج حزب الله قد يأتي بنتيجة معكوسة، ويُترجم تشدداً لبنانياً في المطالبة بالخط 29 يتحول إلى غطاء لأي عمل عسكري يقوم به حزب الله في حال أقدمت إسرائيل على خطوات عملية في مجال استخراج الطاقة من البحر قبل التوصل إلى اتفاق.