بقلم: نبيل عمرو
الرئيس الأمريكي جو بايدن، يستعد لأهم زيارة للشرق الأوسط ومركزها المملكة العربية السعودية.
إيران الخصم الرئيسي المعلن تجري محادثات ثنائية مفاجئة مع أمريكا في الدوحة، وصفت بالقناة المساعدة للنجاح في محادثات فيينا المتوقفة.
معسكر الاعتدال العربي يواصل مشاوراته الحثيثة على مستوى القمة استعدادا لاجتماع جدة، ولإنجاز جدول اعمال متوافق عليه بين أطراف هذا المعسكر ومن سيشاركون من غير العرب.
إسرائيل التي فيها ما فيها من أزمات داخلية تتسلق القاطرة الامريكية، لعلها تمكنها من اصطياد السمكة الكبيرة “السعودية” التي هي درة التاج واقصى المراد فيما يتصل بمشروع ابراهام التطبيعي الذي ما يزال في غيابها يعاني من نقص فادح.
فلسطين ها هو أبو مازن يبشر بانتصار المقاومة الشعبية قريبا، بينما إسماعيل هنية يدعو لاجئي لبنان بحزم حقائبهم للعودة، لم يحدد أبو مازن وقتا وقد احسن صنعا بذلك، اما هنية فحين يطلب اعداد الحقائب فذلك يعني ان العودة تحسب بالايام او الأسابيع او الأشهر، مع ملاحظة ان الذين هاجروا قبل خمس وسبعين سنة الى لبنان وصلوا اليه بلا حقائب وسوف يتسامحون بالحقائب حين يعودون.
جدول الاعمال الأمريكي هو الأكثر وضوحا وتحديدا في الاجندات، زيادة انتاج النفط، خفض الأسعار، اعلان ولادة منظومة الدفاع الجوي لمجسم مصغر عن الناتو الأطلسي، مع مراعاة اعتبارات دول الشرق الأوسط الخاصة.
وفي الصورة ما لا يعتبر هامشيا او ثانويا وهو تواصل الوساطة العراقية بين السعودية وايران مع تزايد الحديث عن احتمالات نجاحها بما يصل الى عودة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، وامور كثيرة تتصل بهذه الحركة النشطة والمتسارعة والمضغوطة في مساحة زمنية ضيقة، اذا نحن حيال حركة كل أطرافها يتحدون على حتمية الخروج منها بنتائج ملموسة، ذلك ان كل طرف من أطرافها يخوضها ونصب عينيه ما يخدم امنه القومي ومصالحه الرئيسية التي هي اول الأولويات في تحديد السياسات والتحالفات.
السؤال الشعبي المتداول في بلادنا، وحيث وجد فلسطينيون في بلاد الله الواسعة، أي نحن من هذا الذي يجري؟ ثم ما هو التأثير المباشر لهذا التحرك النشط على الحالة الفلسطينية؟
اين نحن … اننا خارج الطاولة حيث المقاعد حولها محددة بالاسماء والاوزان، ولكي لا نبدو كما لو اننا في حكم الإلغاء فنعتمد على اشقائنا ليعرضوا همنا ان لم يكن على الطاولة مباشرة ففي ما حولها ولا شك ان هنالك مغزىً عميقا لقول الرئيس عباس ” حيث يوجد الأردن توجد فلسطين” ولو كان في زيارة لمصر او السعودية لقال نفس القول عند الاشقاء الاخرين.
بديهي القول لا خوف على القضية الفلسطينية حتى لو غاب ممثلوها الرسميون عن الطاولة، فهي القضية الأقوى والاعمق جذورا والأكثر تأثيرا على الجميع ما دام اكثر من اثني عشر مليون فلسطيني بلا هوية ولا دولة، غير ان الذي غاب نهائيا والى اجل غير مسمى هو الحل السياسي الذي لم يعد متداولا بصورة عملية لا عند الفلسطينيين المنقسمين كثيرا فيما بينهم، ولا عند الإسرائيليين الذين تضاعف جشعهم في ابتلاع ابسط حقوق الفلسطينيين، ولا عند أمريكا والاقليم الذين يتفقون على ان الوقت والظرف لا يناسبان طرح خطة سلام جديدة على انقاض القديمة التي انتهت.
كل العالم في زمن حرب أوكرانيا أي حرب الطاقة والغذاء والامن والتنمية والتحالفات المنسجمة اليوم والمتعارضة في اليوم التالي، تنهمك دوله في معالجة تحدياتها اما نحن فلا ننهمك الا في ما لا جدوى منه لاعادة القضية الى جدول اعمال القوى المؤثرة في صناعة السياسات الدولية.
كل شيء متجمد عندنا، المصالحة انتهت حتى لم يعد أحد يأتي على ذكرها، ترتيب البيت الفلسطيني ليكون قادرا على مواصلة الصمود بعد ان لم يكن اهله قادرون على احياء تسوية. لا جهد يذكر على سبيله.
في غزة ننتظر التسهيلات الموعودة وفي الضفة ننتظر بايدن وكفى الله الطبقة السياسية على كلا الجانبين شر المبادرة.
في الزمن الراهن ولنسميه زمن الحرب الكونية التي مركزها القتالي أوكرانيا وعصفها القوي يجتاح العالم كله، لا أحد ينتظر ترياقا من احد اخر، كل يعمل على تعزيز ارصدته الذاتية ليدخل بها اللعبة الكونية، وكل يضع ما لديه من وزن فعلي على الطاولة كي يتقاضى ما يعادله، اما نحن اهل القضية الكبرى وأصحاب خطاب العدالة المفقودة والدخول الى المعادلات بالواسطة، فما زلنا نواصل الطلب من بايدن ومن العالم ” ان يختشي على دمه” ويحقق لنا ما لا نستطيع وما لا يستطيع.
دعاء طبقتا السياسية الخالدة والمخلدة كثير وقطرانها قليل وليس بهذا ولا هكذا تورد الابل!