كتب: غسان زقطان
لطالما شكلت زيارة الرئيس الأميركي، أي رئيس أميركي، للمنطقة سببا عميقا للقلق وليس للبهجة، يمكن تذكر آخر الزيارات، ترامب وعائلته، ووصوله إلى بيت لحم في محاولة لتفادي الصور في المقاطعة في رام الله.
الحقيقة لا يمكن عقد أي نوع من الأمل على زيارة بايدن الذي سيذهب إلى بيت لحم فقط، ولن يصل رام الله كما تشير مصادر القائمين على ترتيبات الزيارة، في تقليد محزن لترامب.
ولكن يمكن، أيضا، تذكر الوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية ومحاولة مقارنتها بالواقع الذي يزوره، أشياء مثل إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس التي أغلقها سلفه ودمجها بالسفارة، أو إعادة فتح ممثلية منظمة التحرير في أميركا التي اعتبرها الناطق باسم الخارجية “أمرا معقدا”.
لا يوجد لدى الرئيس الأميركي ما يقوله لنا، وليس علينا أن نبدد الكثير من الوقت والأمل على إعادة الحوار حول بديهيات الموقف الأميركي المنحاز فيما يتعلق بصراعنا مع الاحتلال.
يبدو جو بايدن وهو يقترب من نصف ولايته كمن يعيش في الدوامة التي تركها له رونالد ترامب في المنطقة، زمن كامل من “الإعادات” غير المكتملة، محاولة إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، محاولة إعادة افتتاح ممثلية منظمة التحرير في واشنطن، إعادة الدعم المالي لميزانية السلطة والأمن وبرامج التنمية، إعادة الدعم لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، إعادة شيء من الثقة في دور الولايات المتحدة الذي حبسه ترامب في “صفقة القرن”، يمكن تذكر الخريطة العجيبة التي اقترحها للدولة الفلسطينية في هذا الشأن، والاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة الاحتلال وضم هضبة الجولان.
خارج هذه الشبكة ومتاهة الممرات تتشكل محاولة إعادة صياغة الاتفاق النووي مع إيران الذي خرج منه ترامب وتصنيف “الحرس الثوري الإيراني” كمنظمة إرهابية، بحيث تصبح “سياسة” بايدن هي الظل الباهت لشبح يتعثر وهو يتلمس طريق الخروج من حقل “مصائد المغفلين” التي زرعها رونالد ترامب وصهره وفريقه الصهيوني بإشراف نتنياهو.
متاهة محكمة تشمل محاولة استعادة العلاقة مع الحليف الأقدم، السعودية، الذي اهتزت ثقته بالإدارة الجديدة المتعثرة.
وها هو يصل وهو يحمل حربا جديدة في أوروبا تهدد بإنهاء حقبة ما بعد الحرب الباردة، وتدفع إلى السطح أقطابا جديدة ستقاسمه كل شيء، الاقتصاد والقوة والنفوذ.
ليس ثمة بصمة لهذه الإدارة التي حبست نفسها في قفص صنعه لها دونالد ترامب، حتى تلك الوعود الفائضة التي أطلقتها الحملة في ذروة صراعها لم تكن موجهة إلى المنطقة بقدر توجهها إلى الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، وبعض الأقليات في الولايات المتأرجحة.
ليس المطلوب أن نصغي للمعادلة العبثية حول التريث لأن “الحكومة الإسرائيلية” هشة أمام الرأي العام الإسرائيلي، وهو هنا اليمين الفاشي والمستوطنون والعصابات الفاشية، أو التريث لأن “الحكومة الإسرائيلية” قوية ومدعومة برأي عام قوي، وهو هنا أيضا اليمين الفاشي والمستوطنون والعصابات الفاشية، المعادلة التي تنطلق من جوهر استعلائي عنصري يتجاهل الرأي العام الفلسطيني ومطالبه وحقوقه ويكتفي بمقياس الفاشية الاحتلالية.
لا ينبغي شراء الأوهام أو الاحتفاظ بها.
هي زيارة رجل لم يف بوعوده ولم يتمكن حتى من توفير محاكمة لقتلة صحافية فلسطينية تحمل الجنسية الأميركية.